وصف الكتاب
",قبل أن تقع هذه المجموعة في يدي لساعاتٍ معدودة، كنتُ أقرأ في بحثين متناقضين عن القصة القصيرة، أحد هذين البحثين يذهب إلى أن فنَّ القصة هو الفن المستقبلي في عالم الأدب، وإلى أنَّ أزمنة أشكال التعبير الأخرى قد انطوت وذهبت إلى غير رجعة. في حين يرى البحث الآخر أن هذا الفن يتراجع وأن التَّسلية التي كانت توفِّرها القصة القصيرة أو الطويلة للقارئ في سالف الأيام قد حل محلها التلفزيون من جهة ثانية فضلاً عن النموذج الذي حققته المسلسلات والأفلام في أنحاء كثيرة من العالم المعاصر من خلال استيعابها للوقت الذي كان مخصصاً لقراءة القصص القصيرة والطويلة معاً...",«دخل (مرزوق) تتبعه زوجته بوابة المشفى من أطراف المدخل المُشمِس يتفرَّس الشحَّاذين، وجوه المارة، جلس أمام بائع الأعشاب مُبتسماً.. هامساً إليه بين الأصوات المُتداخلة، شرح له ألَّا تَحسُّن..! بينما بائع الأعشاب مُنكَبٌ على إعداد بعض الوصفات.. ثم ناوله بعض العُلَب الصغيرة ولُفَافاتٍ عدَّة، أخذ يشرح و(مرزوق) يستمع في خشوع: هذه تناولها مع بيضة (باكراً على الريق).! وهذه يومياً قبل أن تنام معها!.. وهذه ادهن بها أطرافك!.. وهذا بخور، أحدهم استلقى دون أطراف إلى جوار(البصير) الذي كان يهتزُّ كبندول الساعة، وهو يقرأ القرآن. مرزوق لا يعجبه على الدوام فم البصير، وقد تساقطت معظم محتوياته تحت إعياء سائل أصفر يتطاير رذاذاً.
شعر بملمسٍ ناعم بين ساقَيهِ العاريتين!.. قشعريرة لامست عظامه.. قِطَّةٌ سوداء ضربها بِشدَّة يتبعها صغارها الخمسة المذعورون، دخل مُنتشياً يتلمَّس أحجام الوصفات.. عند بوابة صالة الانتظار التي تُطِلُّ عليها أبواب العيادات مزيج من الأصوات التي لا تنقطع، وقف يتفرَّس، وقد انزوت زوجته خلفه في شكلٍ حميم، كان الوقت لا يزال مبكراً.. شنَبَه الذي أعياه الانتصاب! يفركه وبيده الأخرى يُنزِل الفوطة إلى ما تحت ركبتيه، تأمَّل جموع النساء على المقاعد المستطيلة المتوازية عند أبواب العيادات، نفض کُوته الميري وهو يتحدَّث بصوت مسموع: تأخَّرنا... النسوان نائمات هنا!»