وصف الكتاب
كان يا ما كان في قديم الزمان، كانت تعيش، في بلد جميل، فتاة ذكية وحسناء مع أمّها وأخيها. وكانت لديها نجمة كبيرة زرقاء تتوهّج كل صباح في السماء.
أرادت الفتاة أن تعرف سّر الحياة، فسألت أمّها: ",ما هو سّر الحياة؟",. قالت لها أمّها: ",يجب أن تكشفي السّر بنفسك",. وسألت الفتاة أخاها: ...",ما هو سّر الحياة؟",. فقال لها أخوها: ",يجب أن تكشفي السّر بنفسك",. ذهبت الفتاة إلى مدرسة بعيدة وسألت معلّمها: ",ما هو سّر الحياة؟",. فقال لها معلّمها: ",يجب أن تكشفي السّر بنفسك",. حينئذ سألت الفتاة نجمتها الكبيرة الزرقاء التي تتوهّج في السماء: ",هل تحسبين أنّ في الحياة سرًّا؟",. قالت لها النجمة: ",ليس في الحياة سّر، لا شيء إطلاقاً",. فسألت الفتاة: ",فما هي الحياة إذن؟",. فقالت لها النجمة: ",كما ترين الحياة تكون. أنت صانعتها، شكلها على شكلك وحدودها حدود خيالك",.لعل هذا الـ (مفتتح) التي تبدأ به الروائية غادة نمر بوعلوان روايتها «سماء مليئة بالنجوم» يتجاوز البحث عن سّر الحياة، إلى القدرة على مواجهة الحياة ذاتها، وتحويل كل مآسيها إلى، انتصارات ونجاحات.
- هذه المعاني جرى التعبير عنها بواسطة راوٍ واحد هو بطلة الرواية وبصيغة المتكلم، فبدت الرواية كأنها سيرة ذاتية لشخصية ",دالية",، التي تبدأ بروي قصة حياتها كتكرار للحظات زمنية منفصلة (ولادة – طفولة – مراهقة - شباب - نضوج)، تتخللها تفاصيل مرهقة ",موت وحزن وفراق وحرب ووحدة ومرارة ومحاولات نسيان فاشلة وغربة وحنين",، ولنقرأ من خلالها تجربة حافلة بكل أنواع المشاعر والآلام، ",هذا القهر يلازمني، يأكلني في العمق ويجرّني إلى الموت. استشهاد أبي، انتحار مروان، اختطاف مكرم، مقتل عليا، انتقال نورا، سفر نمير، رحيل ريان، زواجي، غربتي…",، في مواجهة كل هذا الواقع القاسي تبدأ ",دالية", بطلة الرواية بتغيير حياتها بواسطة الكتابة، فتبدأ بكتابة قصتها. وهنا، تضع الكاتبة بوعلوان الكتابة في مواجهة مع الحياة. فماذا تكون النتيجة؟
",سأكمل قصتي وسأنهي روايتي الأولى ولن تكون الأخيرة. يجب أن أقرر ماذا سأفعل وأقرر كيف تنتهي القصة، قصتي أنا. سأضع النهاية وسأكتبها….",، وبهذا المعنى تبدو الكتابة عند غادة بوعلوان لا تنفصل عن كونها تجربة حياة ووعي بالتاريخ الاجتماعي لبلادها، وما يهدد القيم الإنسانية والنفس البشرية من خراب؛ وخطاباً قادراً على ممارسة شكل من أشكال الاحتجاج، ضد الحروب وبشاعتها، والتقاليد وأسوارها العالية، لا بل اكتشاف الذات والتعبير عنها، وبالتالي هي مساراً لرؤية سردية تستوعب العصر، وتُبدل النظرة للحياة.