تلك هي مذكّراتي، أنا مَن حاربتُ نعمةَ الله على الأرض, ومنحتُ الحياةَ للبشر، حاربتُ كثيرًا في سبيلها فاتّضحَ لي في النهاية أنّني لم أحاربْ إلّا نفسي. الموتُ سنّة من سننِ الله في الكون, حاولتُ أن أتفاداه بحياة أبديّة فلمْ أفرّق بين صغيرٍ أو كبير, مريضٍ أو صحيحِ الجسد، ليقفَ الجميع أمامي أنا ربُّ الحياة سواسية لا فرقَ بينهم، في بدايتِها لم نرَها كلعنةٍ, لم نصنّفها كعقاب؛ لكنّها- وفي حقيقتها- كانت أشدَّ اللعنات التي طالتنا جميعًا، أصبحتْ كمرضٍ لا علاج له إلّا النّسيان. أكتبُ تلك المذكرات بعدَ أن تخلّصنا من تلك اللعنة التي صوّرت لنا في هيئةِ نعمة زائفة.. أخيرًا, سأستردّ أنفاسي, وأشعرُ بإنسانيّتي، سأنظرُ إلى الشّمس, وأخاف أن لا أراها ثانية, وسأحمدُ الله على كلّ نفَس يخرج من جسدي, وأدعوه أن يدخلَ ثانية؛ فأنا الآنَ حيّ, وردّت إليّ كرامتي, وكأيّ إنسان يحترمُ نفسه قدْ أموت في أيّة لحظة.