وصف الكتاب
بين يدينا القصة الكاملة لمحنة عمّال منجم تشيلي في منجم سان خوسيه، حينما انفصل لوح صخري، بحجم ناطحة سحاب، عن الجبل ودفن ثلاث وثلاثون عاملاً تحت الأرض.
كان الانهيار في أوائل آب عام 2010، وقتئذ هُرع مئات الخبراء من مهندسين وعمّال إنقاذ، وحفارين إلى تلك الزاوية النائية والمهجورة في شمال تشيلي. ...أتوا متطوعين، يقدمون أفكارهم، ومعداتهم، وجهودهم. في تلك اللحظة أطلق الرئيس التشيلي نداء مساعدة بسيطاً وعميقاً في آن واحد، مستخدماً القنوات الدبلوماسية والعلاقات في مجتمع الأعمال على السواء قال: ",هؤلاء الرجال محتجزون على عمق سبعمئة متر. ماذا لديكم من وسائل تكنولوجية من شأنها أن تساعد؟",.فسارع العالم إلى تلبية النداء وحملت عملية الإنقاذ اسم ",عملية سان لورينزو", التي انطلقت في 12 تشرين الأول عام 2010، حيث انصب اهتمام العالم على منجم نحاس ناءٍ في صحراء أتاكاما في تشيلي. كانت الاستعدادات في مرحلتها الأخيرة من أجل عملية إنقاذ جريئة لوضع حد لأطول احتجاز تحت الأرض في التاريخ البشري.
قبل 69 يوماً، كان ثلاثة وثلاثون عامل منجم في منتصف يوم عمل روتيني، في أعماق منجم سان خوسيه. نزلوا إلى الملجأ الصغير على عمق 688 متراً تحت السطح لتناول غذائهم والحصول على قسط من الراحة. وبعد عشر دقائق، سمعوا صوت تحطم عظيم، وهدير عميق. ثم انتشرت سحابات الغبار. وتساقط الركام حول الرجال الذين أصيبوا بالاختناق. تواصل الانهيار خمس ساعات. عندما توقف أخيراً، اكتشف الرجال أنهم محتجزون تحت أطنان من الصخور المنهارة.
بعد سبعة عشر يوماً من الانهيار، تمكنت إحدى الحفارات أخيراً من بلوغ مكان الرجال. فأرسلوا رسالة إلى السطح: ",نحن بخير في الملجأ. نحن العمّال الثلاثة والثلاثون جميعنا بخير",.
استعان جوناثان فرانكلين بالحق الحصري الذي منحه إيّاه فريق الإنقاذ لدخول الموقع، وبعشرات الساعات التي أمضاها في مقابلات مع عمّال المنجم أنفسهم. استطاع ببراعة كشف كواليس جهود الإنقاذ التي بُذلت في عملية الانتشال.
خلال سبعة عشر يوماً. تحوّل الأمل ببطء إلى يأس. ومن ثم إلى استسلام، بينما راح العمّال يُعدّون أنفسهم للموت البطيء. وعندما بلغتهم إحدى الحفارات أخيراً، ظلت أمامهم سبعة أسابيع من الانتظار قبل الخروج إلى النور.
إن ما عاشه أولئك الرجال في ظلام المنجم الخانق، وتمسّك أسرهم بالأمل، وحجم عمليّة الإنقاذ غير المسبوق، كلها جعلت من هذه القصة حكاية لا تُنسى عن كيفية تغلب الأمل على الخوف، وانتصار العلم والعقل على المحنة",.
عندما سُئل أفالوس - أحد الناجين من الموت - عن الدروس التي تعلّمها من تلك التجربة، أجاب: ",نحن ضعيفون مثل الثانية. ينتهي كلّ شيء في آخر لحظة نتوقعها. عيشوا واستمتعوا الآن. عيشوا اللحظة، ولا تضعوا الكثير من الخطط. افهموا أن مشاكلهم أصغر بكثير ممّا عشناه… ولتكن لديكم دائماً القدرة على تخطي المشاكل ومساعدة الآخرين",.