وصول تلك الرسالة إليكِ يعني أنني قد فارقت الحياة، لكني أبدًا لن أفارقك، فقد كان لكِ بيتًا داخلي تسكنه روحي، وتلجأ إليه كلما تجبرت براثن الفراق لتنخر قلبي بالوجع، كم أنا موجوع لأنكِ صنعتِ من حقيقتي خيالًا لتخفي وجودي عن الآخرين! وكأنني حجر من ",زمرد", أهداه إليك طفلٌ أسمر في أدغال إفريقية واختفى هو، وبقى حجره يبرق في الذاكرة، تركت لكِ أثرًا من عطري المفضل الذي حرمته على نفسي في غيابكِ، وكذلك خاتم زواجنا منحوت عليه اسمي من الداخل كي يظل عهدًا بيننا حين نلتقي، أعلم أن من مات دون حبه فهو شهيد، وأنا مت منذ أن فقدتك، كان يجب أن أكون أقوى بكثير لأحافظ عليكِ، لكني استسلمت لرغبتكِ في البعد ظنًا مني أنكِ ستعودين ككل مرة، أبدًا لم أتخيل أن تتركيني عاريًا خاليًا من ملامحي وترحلين، لكن لابد وأن تعلمي أن موتي هو انسحاب من حياة أنتِ لا تشاركيني إياها، وربما لو كنتِ بجواري لكان اختار الله نهايتنا مع قيام الساعة لنكون معًا آخر البشر صعودًا إلى السماء، فإن الله مع المحبين.