وصف الكتاب
",لقد كنت أضع حاجزاً بيني وبين نفسي، كان هناك فاصلٌ جعلني أميلُ للفواصلِ أو أخاف منها، كنت مضطرباً في تعاملي معها، حتى اخترت لها أثقل الأسماء في اللّغة ",البرازخ",.
شارع فلسطين البرزخ بين دمشق والمخيم، الثنايا التي هي برزخ بين دمشق وأتيرا، سورُ دمشقَ الذي هو فاصلٌ بين المدينةِ القديمة وامتدادها، الحاجزُ الذي وضعته بيني وبين نفسي، حتى صرت ضنيناً بالمشاعر وشحيحاً بالتَّعبير عن العواطف، ربَّما أكثر من ظُلِمَ معي هي أمّي، التي تغيَّرتُ عليها منذ كان عمري خمس سنوات بعد أن هدَّدني أبو نضال وأحسّتْ تجاهي بعقدةِ الذَّنب، إذ كانتْ تظنّ أنني صرتُ جافاً منذ ولدت أخي الأصغر، وصرتُ لا أحبّ البوح ولا المشاعرَ التي تبثُها النُّفوس، وعوَّضتُ ذلك في الدِّراسة وقراءةِ الكتب، ولكنَّ ذلك وحده لا يصنع إنساناً، حتى الشِّعر عاركني كثيراً ولم يستطع أن يحيلني إنساناً، كانت الحجب تكتنِفه وكان هنالك حاجزٌ بينه وبيني، بل بيني وبين نفسي، حتى الكهرباء!",