وصف الكتاب
تنزع عنونة مجموعة (السطوع) للروائي محمود يعقوب نحو تأسيس بنية خطابية ترفع الرقابة عن القلم، وتدع الكلمات تجول كما تشاء خارج الأقفاص الكثيرة التي يقيمها الفن الروائي عادة، إن كان من حيث الحبكة، أو سرديات الحكاية. حيث يتداخل النص السردي ويتداخل الساردون فيما بينهم، ففي الحكايات التسع، المكونة لهذه المجموعة ...يعتمد الروائي على سارد آخر هو صوته، ففي القصة التي افتتح بها عمله (السطوع)، يرسم محمود يعقوب صورة مثالية لبطله (ياس) ويلقي النور القدسي في قلبه، ويسكب فوق ملامحه اللطف الإلهي البهي، إلى درجة تشابك رهط من الفقراء معه حتى بعد موته، فروحه ما زالت تعيش بينهم ",روحه التي يستحضرونها بفيض مشاعرهم، ويجلونها، كأنها روح أمير مؤمنين حقاً!...", وهنا نقع على مزيج من الصور في غرائبية منتظمة، وهذه الغرابة في الوقت ذاته سُلّم الروائي في الوصول إلى الحقيقة الأعمق في الكون والحياة أجاد عرضها ضمن نسيج خاص يوحد بين اللغة الدينية برموزها المثيولوجية ولغة الحياة اليومية للناس البسطاء.على أن ثمة شخصيات أخرى في الحكاية تعكس قيماً وصفات أخرى؛ مثل الوقاد (عبد) الذي قدم من الأهوار للعمل، و(عواد كآبة)، الذي يتحصن بالكحل عن الحسد! و(كريم الكردي) الذي اقتيد إلى الموت بسبب انتماءه إلى أحد الأحزاب السياسية المعارضة، و(نزار) الضابط العابس الذي يعد القتل بالنسبة إليه عملاً شريفاً، يصب فيه عرق جبينه، ويكسب جراءه رزقاً حلالاً! وشخصيات أخرى...
و(السطوع)، إلى ذلك، ذات نفس ملحمي قوي، فهي حافلة، بكل أنواع الصراع، والمواقف الدرامية، التي يجد المواطن العراقي نفسه واقعاً في فخها بسبب سلطة الأمر الواقع، فمن وراء القضبان، إلى روائح الموت المنتشرة في كل مكان، والتهجير القسري، وإذ نحن إزاء عالم روائي فظ، الوصول إلى السلطة فيه هو الغاية التي تبرِّر كل الوسائل.
يضم الكتاب تسع قصص قصيرة هي أكثر تعبيراً عن قيم الحرب وإفرازاتها التي قلبت كيان المجتمع العراقي بكل قساوتها، وتحطيمها للمعنويات، والحقد الفردي والجماعي، وكل إرهاصات العنف السياسي. من عناوينها نذكر ",وراء الجفون وأبعد",، ",الشجرة الرابعة",، ",فورة وشكوك",، ",ثلاثة عشر مسمار صَلْب",؛ ",إسقربوط البحر المظلم",، ",الليلة الأخيرة في مقبرة (حسن بصري)",، .. إلخ.