مع روايته الجديدة “متاهة الأنبياء” يواصل الشاعر والروائي بُرهان شاوي رحلته في متاهة النفس والوضع الإنساني صاعداً إلى الطبقة الثامنة من معمار المتاهة متماهياً على نحو مقلوب مع “جحيم” دانتي أليغيري. فهنا يسعى الروائي أن يجعل
ممرات متاهاته الماضية (متاهة آدم، متاهة حواء، متاهة قابيل، متاهة الأشباح، متاهة إبليس، متاهة الأرواح، ومتاهة العميان) تتلاقى في ساحة واحدة لتتجه باتجاه سبيل الختام في المتاهة القادمة، متاهة العدم الكبير. تتداخل الأسماء والشخصيات،والمخطوطات والمواضع، والعالم الفرضي مع العالم الواقعي، وزمن الكتب المقدسة بالزمن الإنساني الممتلئ بالآثام والخطايا والإنحطاط الأخلاقي، بحيث يتبدل الموضوع السردي الروائي إلى متاهة يتوغل القارئ فيها لا إرادياً. الدهر والذاكرة، ذات الإنسان والهوية الإنسانية، الوجود والمعرفة، البدن الممتلئ بالرغبات في مقابلة الفناء والموت، التوق للسمو الروحاني فيما جاذبية البدن والغريزة تسحب النفس إلى العمق المظلم، عمق الغابة المظلمة، إذ الكوابيس تلتف كالآفاعي وتزحف كجيش
من العقارب. وإذ الإنسان يجترح الخطايا والآثام البشرية متشبثاً بالعقائد الدينية، والأساطير، وبالأنبياء، مفسراً المواضيع والحكايات المروية على حسب ما تآمر به غريزته العمياء.