جاءني الإلهام ذات مرة، عندما ضقت بهم جميعاً، أقصد حسن الأول وحسن الثاني وحسن الثالث (وهؤلاء من تيقنت من وجودهم بداخلي حتى الآن فقط)، فتفتق ذهني عن استعارة عنوان لكتاب قديم، كنت قد قرأته، وأنا تلميذ صغير في المدرسة الابتدائية، وكان اسمه ",في جسمك جيوش ومعارك",؛ قلت لروحي: ولم لا، المعارك الكبرى هي – في الحقيقة – داخل المرء وليست خارجه، إنها ليست المعارك الناشئة بين الجراثيم والأجسام المناعية فقط، وكما يظن كثير من الناس، بل هناك معارك أخرى يا ولد. معارك ربما كانت أخطر وأشد فتكاً وشراسة من تلك التي قرأت عنها في ذلك الكتاب القديم، فلتتأملها وتكتشفها، ولتحاول إدارتها والسيطرة عليها لو استطعت، وهكذا ومنذ ذلك الحين بت واعياً، منتبهاً إلى الحروب المزمنة التي لا تنفك ولا تنقطع بينهم؛ أي بين حسن الأول، وحسن الثاني، وحسن الثالث، تلك الحروب المريعة التي تنغص عيشتي بين حين وآخر، وتعفر روحي بأتربتها الخانقة، والتي ما لمست فيها ذات مرة، منتصراً واحداً، أو مهزوماً أبداً، مما زاد من عذابي ونغص عليّ أيامي دائماً.