وصف الكتاب
هذه الرواية للكاتبة والصحافية السورية الناشطة ",في مجال العمل الأهلي والجمعيات النسائية", والعضوة المؤسسة في جمعية نساء من أجل الديمقراطية",، تمسك بتلابيب القارئ منذ البداية، فلا يتمكن من الإفلات من براثن رؤيتها الواقعية وأسلوبها المباشر والصريح والجريء، والذي لشدة ما يعبر عنه من حقائق ووقائع حياتية وعلى جميع المستويات، لا يدع مجالا للإضافات الرومانسية أو الأحلام الشفافة التي نصبغها عادة على حياتنا كي نجمّلها ونأمل. الروايات وحدها كانت قادرة على خلق عالم مواز، على العالم الذي تعيشه بطلة الرواية، والذي ينقسم في البداية باتجاهين لن يختلفا بالجوهر، هما عملها من ناحية في السفارة الكندية في دمشق، الذي يضعها في موقع المطّلع على النماذج التي تطلب الهجرة، و",هم عموماً من الأقليات في العراق أو تركيا أو الأردن ولبنان",، حيث اعتقدت أنه قد ",تشكّلت لديها مناعة من آلام اللاجئين",، وبموازاة ذلك من ناحية ثانية، رواية أحداث واقعها الشخصي وواقع محيطها الذي لا يقل اضطراباً. لا يختلف واقع الاعتقالات السياسية والأسر والتعذيب الوحشي والاغتصاب للسجينات والسجناء، من سجن بلد إلى بلد آخر. ما من تلاوين في تفاصيل حكايا الزيارات التي تقوم بها الزوجات أو الحبيبات إلى السجناء، ولا في عذاب الانتظار الطويل ولا في طعم الحرمان القسري، والتواصل عن طريق الرسائل. ليست بجديدة في أوساط دول الحكم الواحد هذه العبارة: ",الكثيرون الكثيرون لقوا حتفهم في السجن، ليدفنوا في مقابر جماعية مرتجلة، قيل أنها كانت تحفر حول السجن كيفما اتفق",. تتضمن الرواية نماذج متعددة حقيقة، وصادقة في مشاعرها وشجاعتها وحاجاتها ورغباتها، كما في ضعفها وعدم احتمالها للقهر والظلم. من شخصية الأب الشاعر المغمور، والمتقاعد المدمن على الأفلام الخلاعية، والأم القاسية والحبيب السجين الغائب والأصدقاء الذي عانوا آلام الأسر والتعذيب، إلى شخصية مسعود خادم المزارالذي ",يحب ثلاثة أشياء: الله وأم كلثوم ولينين",، إلى شخصية مديرة العلاقات العامة في السفارة، وجوناثان المدير، تتعدد النماذج وتتفاوت أهميتها لتخدم واقعية الوضعين العام والخاص. رواية مميزة جديرة بالقراءة، جريئة في واقعيتها، لا تواري ولا توارب، ولا تتوقف أمام الشكليات المغرية والمظاهر الملطّفة، فلا عراقيل تؤخرها عن الوصول مباشرة إلى عمق الحقائق.