وصف الكتاب
في الأربعين يومًا الأخيرة، كان أبي بالفعل قد ودّع الحياة. كان معلقًا في الأعراف ما بين الحياة والحياة الأخرى. كان معي بجسدٍ غير أن روحه كانت طائرة. بعينين غائمتين، كان يحدثني. بعينين غائرتين، كان يستحضر تاريخًا لم أعرفه من قبل. أو كنت أعرفه ولا أعرفه. تاريخًا كنت أتطلع إليه كأنه لا ينتمي لي. كأنه ينتمي لي. أتطلع إليه كما أتطلع إلى ختم مستدير حول سرتي. أتطلع كمن يمتلك لكن دون حرية التصرف. كملك لا يحكم. ختم أخضر يحمل هويتي، كأنه الترياق ضد سم الضياع. كأنه الضياع ضد سم الهوية",. _ _ _ _ _
من خلال عائلة محمد دي مولينا، تتبع ",حصن التراب", واحدة من أكثر المآسي الإنسانية التي لا يمكن نسيانها: محاكم التفتيش الإسبانية وتهجير الموريسكيين. إننا أمام رواية تتوسل التخييل والتاريخ غير الرسمي لكتابة حياة أفراد عاديين فرضت عليهم السلطة (السياسية والدينية) أن يختاروا ما بين التخلي عن دينهم أو التهجير، ثم لم يسلموا من المقاصل والتعذيب، ثم لم يسلموا من الطرد بذريعة أنهم عرب ومسلمون، ثم نُبِذوا في الأرض الجديدة بذريعة أنهم مسيحيون إسبانيون. إنها ملحمة أبطال مهزومين دفعوا حياتهم في معركة صراع ديني/سياسي لم يختاروها.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
في روايته الجديدة، واستكمالًا لمشروعه الروائي، يطرح أحمد عبد اللطيف سؤالًا حادًا حول التطرف الديني، وهو سؤال بقدر ما يمثّل الماضي يمثّل الحاضر، ويجسّد أسئلة انفجرت مع الربيع العربي وتضعنا من جديد أمام معضلة الهوية. ومع حساسية المضمون، يتوسل المؤلف شكلًا روائيًا غير مسبوق، يتكيء فيه على الفيديو والموسيقى، ليس فقط كمؤثرات سمعية وبصرية، بل أيضًا كمكمّلات سردية لخلق حالة من الشجن الرهيف، حالة تليق ببطولة مبتورة كما تليق بهزيمة بطولية.