وصف الكتاب
ليست الشهوة للقوة -بالنسبة للشخصية التسلطية- كامنة في الاقتدار بل في الضعف؛ فالنشاط بالنسبة لها كامن في شعور رئيسي بالعجز تميل إلى قهره، والإنسان المصاب بالمازوكية الذي يحب من الآخرين أن يعذبوه يعى للخضوع لشخص له قوة هائلة مهيمنة، وهنا قد يرتعب من فأر أو ورقة شجر، هكذا يفسر عالم النفس والفيلسوف الأمريكي المعاصر ",أريك فروم", كيف نشأت النازية، ونمت شخصية هتلر الدكتاتورية، فالإنسان الحديث أصبح أكثر حرية إلا أنه يخشى ممارستها فيلقيها على عاتق شخص آخر قوى، يمارسها بالنيابة عنه لأنه اصبح عاجزاً ومغترباً عن الآخرين، ومن خلال الدعاية الحديثة التي لا تخاطب العقل بل العاطفة من خلال إعلان جذاب لفتاه أو ملاكم شهير يجري إستئصال الفرد وتطير منه الحرية كما يطير الدخان.
يشكل هذا الكتاب جزء من دراسة عريضة تعالج الطابع المميز لنسيج الإنسان الحديث والمشكلات الخاصة بالتفاعل بين العوامل النفسية والإجتماعية التي ظللت اشتغل عليها لعدة سنوات والتي سيستغرق استكمالها فترة أطول بشكل كبير. لقد دفعتني التطورات السياسية والأخطار الراهنة التي تشير إلى اعظم إنجازات الحضارة الحديثة- التفردية وفرادة الشخصية- دفعتني هذه المسائل إلى أن اقرر أن اقطع الدراسة الكبيرة وأن اركز على جانب واحد منها وهو الجانب الحاسم في الأزمة الحضارية والإجتماعية لأيامنا ألا وهو: معنى الحرية بالنسبة للغنسان في حضارتنا حيث أن معنى الحرية ر يمكن أن يفهم فهماً كاملاً إلا على اساس تحليل الطابع الكلي لمكون الإنسان الحديث. ولما كان الأمر هكذا، فإن على ان أشير مراراً إلى مفاهيم ونتائج معينة دون أن أتوسع فيها بشكل كامل كما لو كان لابد أن أتحدث باتساع أكبر. أما بالنسبة للمشكلات الأخرى ذات الأهمية فكثيراً ما تمكنت من الإشارة إليها ولكن على نحو عابر وفي كثير من الأحيان لم اشر إليها على الإطلاق. غير أنني أشعر بأن على عالم النفس أن يقدم ما عليه أن يساهم به في فهم الزمة الحالية دون ما تأخير حتى لو كان عليه أن يضحي بأمنية الكمال.