وصف الكتاب
",مساء يوم من الأيام كان موبي إيزابو، خباز ساحة الكنيسة في فافيرول، يتهيأ للنوم عندما سمع ضربة عنيفة على واجهة محله المشبكة والزجاجية.
وصل في الوقت المناسب ليرى يداً تدخل عبر ثقب أحدثته لكمة في الشبكة وفي الزجاج، تناولت اليد رغيفاً وذهبت به، خرج إيزابو بسرعة؛ كان السارق يهرب وساقاه تسابقان الريح، ركض إيزابو بسرعة خلفه وأوقفه.
كان السارق قد رمى الرغيف ولكن يده كانت لا تزال مضرّجة بالدم، كان جان فالجان، حدث هذا عام 1795، أصيل جان فالجان أما محاكم ذلك الوقت تهمة السرقة عن طريق الكسر في أثناء الليل داخل بيت آهل... أدين جان فالجان... حكم على جان فالجان بخمس سنوات من الأشغال الشاقة.
في 22 نيسان (إبريل) 1796، مجموعة كبيرة قُيّدت بالسلاسل الحديدية في سجن بيساتر، وكان جان فالجان واحداً منها، كان يجلس على الأرض كالباقين، ويبدو أنه لم يكن يفهم شيئاً عن حالة سوى أنها شنيعة، ومن الممكن أيضاً أنه كان يوضح عبر أفكار ملتبسة تدور في رأس رجل مسكين جاهل، شيئاً ما مفرطاً، وفيما كان يدق مسمار أغلاله بضربات قوية فوق رأسه، كان جان فالجان يبكي، وكانت الدموع تخنقه وتمنعه من الكلام؛ إلا أنه كان بين الفينة والأخرى يتمكن من قول: ",كنت مشذّباً في فافيرول، وبعد ذلك وفيما يجهش بالبكاء، كان يرفع يده اليمنى ويخفضها تدريجياً سبع مرات كأنه كان يتلمس تباعاً سبعة رؤوس غير متساوية، وبهذا التصرف كان يُكْتَنَهُ أن هذه الحركة البسيطة التي قام بها إنما قام بها ليلبس ويطعم سبعة أطفال صغار، ذهب إلى قولون، وصلها بعد سفردام سبعة وعشرين يوماً، فوق طنبر والقيد في عنقه، حتى اسمه، لم يعد جان فالجان، لقد أصبح الرقم 24061، ما حلّ بأخته؟ ما حلّ بالأطفال السبعة؟ من يهتم بهم؟...
دائماً القصة نفسها، هذه الكائنات الحبّة الصغيرة، خلائق الله تعالى هذه، وقد غدت من دون سند، من دون مرشد، من دون مأوى، المتروكون إلى مصيرهم، والفارقون شيئاً فشيئاً في هذا الضباب البارد حيث تُبْتَلَعُ المصائر الوحيدة، دياجير حزينة تختفي فيها تباعاً، أعداد هائلة من الرؤوس المنكودة الحظ في مسيرة الجنس البشري المعتمة، تركوا البلاد، وقبّة جرس ما كانت قريتهم نسيتهم، والنصب الذي كان حقلهم نسيهم.
في هذا القلب كان جرح عميق وكانت نسبة... هذا كل شيء... في تشرين الأول 1815 أطلق سراحه، كان قد دخل إلى هذا المكان عام 1796 لأنه كسر زجاجاً وسرق رغيفاً من الخبز، دخل جان فالجان إلى سجن الأشغال الشاقة منتخباً ومرتجفاً وخرج منه بارداً لا يتأثر، دخل يائساً فخرج قاتماً، ما الذي حلّ بهذه الروح؟…
على المجتمع أن ينظر إلى هذه الأمور لأنه هو الذي يقوم بها، كان كما سبق وقلنا ",إنساناً جاهلاً",؛ ولكنه لم يكن غبياً، الشقاء الذي لديه هو أيضاً نوره، زاد الضوء القليل الموجود في هذه النفس، تحت العصا، تحت القيود، وفي الزنزانة، تحت وطأة النصب، تحت شمس الأشغال الشاقة المحرقة انثنى على ضميره وراح يفكر، فجعل من نفسه محكمة، وبدأ يحاكم نفسه، فاعتبر بأنه لم يكن بريئاً قد عوقب ظلماً، فأقر بأنه قام بعمل سيء ويلام عله، ربما لو طلب هذا الرغيف لما مُنِعَ عنه، على أي حال كان من الأفضل الإنتظار، إما بالشفقة أو بالعمل، ولكنه ليس سبباً قاطعاً لأن يقال: هل يمكننا الإنتظار عندما يلتهمنا الجوع... بعد طرح هذه المسائل وحلها، حاكم جان فالجان المجتمع وحكم عليه، حكم عليه بحقده...",.
لامس فيكتور هيجو في قصة البؤساء وجع المقهور، والشعر الإنساني بالذلّ، وبكلمات مختصرة، لامس الروائي وجع الإنسان بإنسانيته المقهورة، في مجتمع يدين بؤساء كان هو السبب في بؤسهم وهو يقول في ذلك ",طالما توجد بحكم القوانين والتقاليد لفئة إجتماعية تخلق بشكل مصطنع ووسط الحضارة جحيماً، وتعقّد بحتمية إنسانية القدر الإلهي!...
طالما أن مشكلات العصر الثلاث: مهانة الرجل بسبب الطبقة الكادحة، وإنحطاط المرأة بسبب الجوع، وتوقف نموّ الطفل بسبب الليل، لم تحلّ؛ طالما أن في بعض المناطق إمتناناً إجتماعياً ممكناً؛ بتعبير آخر ومن وجهة نظر أكثر إتساعاً، طالما يوجد على الأرض جهل وبؤس، فالكتب المشابهة لهذا الكتاب لا يمكن أن تكون دون جدوى",.