وصف الكتاب
هناك فنون للسعادة يحاول الكاتب الحديث عنها علّ القارئ يستنير بما أوردة، والترويح عن النفس أول في فنون السعادة التي يتحدث الكاتب عنها؛ للترويح عن النفس أهمية في حياة الإنسان، منهم من لا يعرف حدودها، ومنهم من يلجأ إلى الترويح عن النفس ضمن حدود معينة.
إذن، هناك نوعان من الناس، الأول يرى الترويح عن النفس هدفاً لحياته، فيقضي عمره كله في بحث عن متعة هنا، ولذّة هناك، وعن راحة هنا، وترويح هناك، وهو غالباً ما يموت وحسرة اللذّة المطلقة والراحة المطلقة عالقة في قلبه، فمن يتعب عن ترويح مطلق سيتعب أكثر من غيره، دون أن يحصل حتى على ترويح نسبي.
الثاني يرى الحياة كلها جدّاً، لا مكان للهو فيها، كما يجد الوجود حقاً لا باطلاً، ولكنه يرى في الترويح عن النفس حقاً من حقوقه، وبعضاً من أحلّه الله تعالى للإنسان في هذه الحياة، ومقدمة للعمل والنشاط، والجدّ والإجتهاد، فيمارس اللهو الحلال بقدر محدود، ويردّح عن نفسه بقدر محدود أيضاً، وهو يبتغي فيما أتاه الله عزّ وجلّ الدار الآخرة؛ لكنه لا ينسى نصيبه من الدنيا، وبمقدار ما يكون النوع الأول على خطأ، يكون النوع الثاني على صواب.
وإلى هذا، فإن الحياة تتطلب الإستراحة، كما تتطلب النشاط، لأن العمل الدائم بلا ترويح، كالترويح الدائم بلا عمل، كلاهما يؤدي إلى توقف النشاط، فمن دون الترويح عن النفس، لا يستطيع الشخص المحافظة على رباطة جأشه، أو الإحتفاظ بالروّية والتعقل في تصرفاته، أو أن يحتفظ بالطاقة للعمل في حياته... إن الإستراحة بعد العمل، تشحن النفس بطاقة إضافية لمواصلة النشاط، ومن دونها يكون الدمار والإنبهار.
يقول الحديث الشريف ",فكّر في مقادير الليل والنهار كيف وقعت على ما فيه صلاح هذا الخلق، فصار منتهى كل واحد منهما إذا امتدّ إلى خمس عشرة ساعة لا يجاوز ذلك",؛ وهكذا فإن المحافظة على التوازن بين كل من ",الإستراحة", و",النشاط", ضرورية للصحة العقلية، والذهنية، وللإستمرار في عمارة الأرض، وبناء الحضارة، وإذا ما اختل هذا التوازن فسوف ينهار التماسك الداخلي للإنسان، وكيف يستطيع من تبعثرت ذاته أن ينجز عملاً من الأعمال؟...
يقول الحديث الشريف: ",اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة لمناجاة الله، وساعة لأمر المعاش، وساعة لمعاشرة الإخوان والتعات، وساعة تخلون فيها للذاتكم في غير محرم، وبهذه الساعة تقدرون على الثلاث",...
وقد يرى البعض أن الترويح عن النفس هو ضياع في عمر الإنسان، وتلك هي رؤية قصيرة النظر؛ لأن ساعات الفراغ إذا صرفت في الترويح الصحيح عن النفس، هي إضافة إلى عمر الإنسان، لأنها تزيل عنه آثار التعب، وتغسل عن أعصابه مشقة العمل وتدفعه إلى المزيد من النشاط.
من هنا، تأتي أهمية هذا الكتاب لما في الترويح عن النفس أهمية في حياة الإنسان، ولا بد للإنسان من معرفة هذه الحقيقة، إلا أن الأمر لا يتوقف عن هذا الحدّ، فللترويح عن النفس طرق ووسائل وأهداف...
يحاول الكاتب مساعدة القارئ للوقوف على ذلك، وذلك من خلال تناوله وفي هذا السياق، المواضيع التالية: كيف تمارس الترويح عن النفس (مجالات الترويح عن النفس، اللجوء إلى المتع المحللة، واللذّات الشرعية: ممارسة السفر، الخلود إلى النوم، مسامرة الأصدقاء، الإختلاء بالذات، الإسترخاء، ممارسة الهوايات المفضلة تجنب الإجهاد، التخلص من الكآبة).
بالإضافة إلى ذلك، تشكل قوة الشخصية فناً من فنون سعادة الإنسان، وقد تحدث الكاتب عنها في القسم الثاني من كتابه هذا، حيث سعى إلى تقديم نصائح عملية تمكن القارئ من إكتساب شخصية قوية، يسترشد بها، في البيت، والسوق، وداخل التجمعات، ومراكز العمل، معتمداً إلى ما جاء في تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم، وما اكتسبه الناس من تجارب بشرية.
وأخيراً، وإذا ما استطعت معرفة مكامن السعادة تلك فعليك معرفة كيفية التمتع فيها في حياتك، وهذا ما سعى إليه الكاتب وهو تعريف القارئ بمكان السعادة وسبل الإستمتاع بذلك من ذلك: منابع السعادة، الإيمان المنبع الأول للسعادة، لا تبحث عن السعادة المطلقة واكتفى بمطلق السعادة، أنت سعيد بما تملكه وبما لا تملكه، تعلم كيف تصبر... مهما كانت الظروف تصرف وكأنك سعيد حقاً، 27 طريقة لجلب السعادة... كلمات حكيمة وأقوال خالدة في السعادة.