وصف الكتاب
",جلسنا على شط البحيرة في الغيوم، نملأ صدورنا من عبير البرية، ونقلب أبصارنا بين الموج الهادئ وبين الصحراء التي تمتد إلى بعيد... تائهة المعالم، مرهونة الصمت، مقنعة بالغموض. وسجا الليل، وسرت في أعطاف الكوة نشوة أسلحته إلى خدر لذيذ، ثم ما لبث كل شيء حولنا أن طوته إغفاءة وسنى، تهدهدها موسيقى ناعمة حالمة، تنبعث من الفندق الكبير القائم على ضفة قارون. والعينين فجأة، أطوي السنين وأعبر الأبعاد... وأسرى على أجنحة سحرية غير منظورة إلى أقصى الشمال، حيث مدينة ",دمياط", الساحلية الجميلة يحيطها النيل بذراعه اليمنى فتسكن إليه في دعة وأنس، مطلة على البحر من ناحية، ورانية إلى بحيرة المنزلة من ناحية أخرى.
وكنت أعرف وجهتي، سرت في طرقات البلدة ودروبها لا أتوقف ولا أضل...فقد طالما درجت عليها وتنقلت بينها. واتجهت لتوي إلى ناحية معينة من الشاطئ يقوم عليها بيت كبير عتيق، تصافحه أمواه غادية رائحة، وتصطفق الموجات على جدار الراسخة، فيسمع لها صوت مألوف، نامت طفولتنا على هزاته الأليفة، وأنيس صبانا لنغماته الشجية الطروب. هناك لقيت الطفلة التي أعرفها... رأيتها تأخذ عقلة في أهل البيت، وتتسلل إلى الخارج بخطوات مسترقة وأنفاس لاهثة، ثم تعدو واثبة إلى شط النهر، حيث تجمعت صواحب لها هناك، لاهيات لاعبات، يصنعن زوارق من ورق ملون، ويتشاغلن بتعويمها على سطح الماء في شبه سباق، حتى إذا مللن اللعبة، جلسن على رمال الشط، يبنين القصور، ويصطدن السمك",.
من خلال شفافية رائعة وكلمات عذبة، وعبارات متناغمة، تحكي بنت الشاطئ وحكاية تلك الفتاة التي وهبها الله تلك الموهبة الأدبية، إلا أنها وعندما خطت قصتها الأولى في محاولة لنشرها في إحدى المجلات، ردعتها عن ذلك سلطة أبت أن تأخذ الفتاة حقها في ميدان الإبداع، فكان من والدتها أن اقترحت عليها إمضاء قصتها تحت اسم مستعار، وتلك كانت بداية المشوار مع اسم ",بنت الشاطئ", تلك هي قصة من مجموعة القصص التي يضمها كتاب الأعمال الأدبية لبنت الشاطئ. والقصص بقدر ما تحمل من شفافية وإبداع وجدانيات، تشي بشخصية الكاتبة التي برزت في مجال الكتابات الإسلامية.