وصف الكتاب
",رحل الشتاء وأقبل الربيع.. خفّت حدّة البرد، وبدأ الدفء يتسلل. في الأسبوع الأخير من آذار جرت تنقلات في الأفواج. انتقل (أسد الشهباء) إلى مقر القيادة في (جبع)، وبقينا في معسكر لا يبعد كثيراً عن مدينة بيسان. أخذ نجيب يتشوق إلى قريته، ويمني النفس بزيارتها في أول إجازة يحصل عليها... ",الحقيقة أن كثيراً من الأشياء العادية تصبح غير عادية كلما ابتعدت عنها..",. كان أحمد بيك قائد السرية يغيب ويغيب ولا نكاد نراه عن طريق الصدفة. وفي تلك الأيام كانت المعارك على أشدها في يافا وحيفا ومنطقة القدس والجليل. ظلت الهمسات والشائعات تؤكد أننا سنشارك في هجوم كبير يحسم معارك المنطقة الوسطى. وفي أوقات الفراغ كنا نتجول في السهل القريب، ونخالط الفلاحين الذين يعملون في الأرض، نأكل معهم خبز الشعير، ونشرب اللبن، ونستمع إلى مشاكلهم وهمومهم، ونستمع إلى قلعتهم، فبعد قرار التقسيم، وإعلان الإنكليز عن موعد رحيلهم كبرت المخاوف، ولم تفلح كل التصريحات في البلدان العربية في طمأنة الأهالي. أمضيت الوقت في كتاب الرسائل الشخصية لوالدتي ولصديقي كاظم الذي يدرس في دار المعلمين العليا ببغداد، وكتبت بعض الخواطر والانطباعات، واحتفظت بها في حقيبتي. وبين حين وآخر كان نجيب يأتي فيجدني أكتب.. يخطر بباله أني أكتب رسالة إلى امرأة… لا عجب ففي هذه البراري، وفي هذه الظروف تزداد حاجة الجندي إلى العاطفة... عاد أحمد بيك إلى الموقع فجأة، وأعلن حالة الاستنفار... لقد عاد من جبع بعد أن حضر اجتماعاً ترأسه القائد.. إنها المعركة الفاصلة. قال نجيب عندما جاء ذات صباح، وأردف: تعبنا من الانتظار..",.
في روايته ",بحيرة وراء الريح", يستعيد يحيى خلف مناخات حرب الـ48 وأجواء تقسيم الأراضي العربية وسلب فلسطين. ما بين سمح وبحيرتها وطبريا تدور المشاهد التي تحركها شخصيات عايشت تلك الفترة الزمنية التي شهدت مأساة الفلسطينيين والعرب قاطبة. يعيد الروائي للحدث حيويته، مقراً القارئ أكثر إلى المشاعر والأحاسيس التي عايشها كل مواطن في أثناء حرب العرب مع اليهود. مشاعر الخيبة التي خلفتها هزيمة مفعمة بالألم، وذلك جرّاء تلك الخيانة التي قضت على آمال الانتصار الذي عايش قلوب وأفئدة المجاهدين العرب الذين جاءوا للدفاع عن قضيتهم ضد اليهود. يستحضر الروائي مشهد الحرب ممزوجاً مع مشهد الحياة عند أشخاص تلك البحيرة التي غابت وراء الريح. أقرأ أقل