وصف الكتاب
تعد الحقبة التاريخية التي ظهر فيها المغول كقوة عظمى على مسرح الأحداث من أهم حقب التاريخ الإسلامي، لا سيما أنها تمكنت من إزاحة أقوى الدول والإمبراطوريات التي شكلت منافساً قوياً لها أثناء عملياتها العسكرية التوسعية لإجتياح المنطقة، إبتداءً من القوى القائمة في منغوليا وبلاد الصين والقرة خطأ، ومن ثمة الدولة الخوارزمية لينتهي الأمر بإحتلال الأراضي العراقية، والقضاء على الخلافة العباسية التي مثلت رأس العالم الإسلامي لإمتلاكها السلطة الدينية والدنيوية، كما أن دراسة تاريخ الإمبراطورية المغولية وعملياتها العسكرية، لا سيما في أراضي العراق، لا زال بحاجة إلى مزيد من البحث العميق، إذ لم يتم البحث فيه بشكل مفصل وواضح بما فيه الكفاية، بسبب عدم وجود دراسة تاريخية شاملة لعملية الإحتلال المغولي للعراق بكل أجزائه، نتيجة لقلة المصادر الإسلامية التي تناولته وندرتها في ذات الوقت، فضلاً عن تناثر الروايات التاريخية التي تطرقت لموضوع الدراسة في المصادر التاريخية.
من هذا المنطلق، جاءت هذه الدراسة تحت عنوان ",رياح الشرق دراسة تاريخية شاملة في الإحتلال المغولي للعراق", ثم التطرق فيها لأصولهم وموطنهم وقيام دولتهم وتوسعها، أما الجزء الأكبر من خطة الدراسة، فقد ركز على تفاصيل الإحتلال المغولي للعراق بشكل كامل من شماله إلى جنوبه، والقضاء على الخلافة العباسية القائمة فيه، لتظهر الدراسة بشكل ذات طابع أكاديمي علمي.
لقد تمكن الإمبراطور جنكيزخان وخلفاؤه من تأسيس إمبراطورية مغولية مترامية الأطراف ضمت كلاً من بلاد الصين والقرة خطأ وبلاد القفجاق والإمارات الروسية وإقليم خوارزم وبلاد فارس والعراق، واعتمدت هذه الإمبراطورية في تنظيم شؤونها الإدارية والإقتصادية والإجتماعية والدينية على قانون خاص بالمغول وضع جنكيزخان أسسه وقواعده، وكان له أثر كبير في تحديد طبيعة سلوك الفرد المغولي سياسياً وعسكرياً وإجتماعياً وإقتصادياً، ولم تلبث إمبراطورية جنكيزخان الواسعة أن انقسمت بين أبنائه الثلاثة، لتقوم ثلاث ممالك مغولية هي مملكة القفجاق (القبيلة الذهبية)، ومملكة المغول الإيلخانيين في بلاد فارس، ومملكة مغول الجغتاي، إلا ان هذه الممالك جميعها كانت تخضع للخان الأعظم المقيم في العاصمة المغولية قرة قورم.
وعليه، فإن موضوع الكتاب يسلط الضوء على دراسة حقبة مهمة من تاريخ العراق في العصر العباسي، فتعرض خلالها للإحتلال المغولي، الذي استهدف طمس هويته العربية وإستنزاف خيراته، فاجتاح جميع أجزائه من الشمال إلى الجنوب دون إستثناء، وإستباح جميع مدنه، وعلى رأسها بغداد عاصمة الخلافة، وقتل الخليفة العباسي المستعصم بالله، ليقضى بذلك على الخلافة العباسية في العراق بشكل نهائي بعد مدة دامت أكثر من خمسة قرون، فأصبح العراق ولاية تابعة إدارياً لدول المغول الإيلخانيين في بلاد فارس.