إن الممارسة الفعلية لعمل الموظف الدولي تكشف عن كثير من المشاكل التي تواجهه أثناء قيامه بأعماله الوظيفية، وإن كانت المنظمات الدولية بما لها من شخصية قانونية دولية تباشر توفير الحماية الوظيفية للموظف الدولي تجاه ما قد يتعرض له من ضرر، مما يهدد بضعف دور الموظف الدولي وعدم فاعليته، فضلًا عن ذلك، وفي ظل علاقة المنظمة بموضفيها فإن السلطة الواسعة للقرارت الإدارية تجاه الموظفين الدوليين، وتعسفها في استعمال سلطتها في هذا الخصوص في بعض الأحيان له تأثيره السلبي على الموظف الدولي، كما أن الرقابة القضائية للمحاكم الإدارية الدولية مع ما تقوم به من دور فعال ومؤثر في توفير الحماية للموظف الدولي، فإن لجوء الموظف إليها - وخاصة محكمة العدل الدولية - يعوقه كثير من العقبات.

لما كانت هذه الدراسة تدخل ضمن الدراسات القانونية، فقد استلزم ذلك اعتماد المنهج القانوني من خلال عرض النصوص القانونية المختلفة، والمتمثلة في لوائح وأنظمة الموظفين الدوليين واتفاقيات مزايا وحصانات المنظمات الدولية، وتحليلها من أجل تحديد الآثار القانونية المترتبة عنها، والتي تمثل الأساس القانوني لما يتمتع به الموظف الدولي من حماية قانونية، كما تم اعتماد المنهج المقارن.

وتك عرض موضوع الدراسة قدر الإمكان بما يكفل تغطية جميع جوانبها، وقد اقتضت طبيعة الدراسة تقسيمها إلى أربعة فصول، تم تخصيص الفصل الأول لتطور الوظيفة العامة الدولية والنظام القانوني للموظف الدولي، وخصص الفصل الثاني للحماية الوظيفية، أما الفصل الثالث فقد خصص للحماية الإدارية، وأخيرًا تم تخصيص الفصل الرابع للحماية القضائية، وختمت الدراسة بأهم النتائج والتوصيات.