وصف الكتاب
هناك الكثير من النزاعات الطويلة الأمد المرتبطة بالمياه التي مازالت من دون حسم، في وقت بات فيه الطلب المتعاظم على موارد المياه النقية المحدودة ينبئ بتفاقم خطر اندلاع صراعات جديدة في المستقبل. وتزداد الحاجة بشكل خاص إلى حلول متكاملة تقوم على التعاون ما بين الأطراف المعنية في 263 حوضاً نهرياً تتشارك مياه كل منها دولتان أو أكثر، وتضم في مجموعها قرابة نصف مساحة العالم وسكانه.
وفي غياب مؤسسات واتفاقيات متينة الأسس، فإن أية تغييرات تطرأ على هذا الحوض النهري أو ذاك يمكن أن تشعل فتيل صراع فيه. وحين يمضي العمل قدماً في بناء مشروعات مائية كبرى بمعزل عن التعاون الإقليمي، فهذه قد تتحول إلى الشرارة التي تفجر تواترات واضطرابات إقليمية ربما تطلب حسمها سنوات أو حتى عقوداً. على حد تعبير ميخائيل جورباتشوف، الرئيس السوفيتي السابق، والرئيس الحالي لمنظمة الصليب الأخضر الدولية، فإن ",الماء يمتلك قوة من شأنها تحريك الملايين من البشر، فلندعه يحركنا باتجاه السلام",.
ولمواجهة هذا التهديد، تضافرت جهود هذه المنظمة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) عام 2001 لإطلاق برنامج تحت عنوان ",من الصراع المحتمل إلى إمكانية التعاون: الماء من أجل السلام",، بهدف توطيد السلام في إطار استخدام الممرات المائية العابرة للحدود عن طريق معالجة الصراعات وتقوية أواصر التعاون بين الدول والشركاء المعنيين. ويسعى هذا البرنامج للإجابة عن سؤالين اثنين هما: ما الذي يحول دون استخدام الإرادة السياسية، وبناء مشاركة فاعلة، وتقوية المؤسسات ذات الصلة، وضخ الاستثمارات، بقصد تفادي نشوب الصراعات وتأسيس إدارة تعاونية للأحواض النهرية؟ وكيف يمكن التغلب على هذه المعوقات؟
يقول البعض: إن الماء، وليس النفط، سيكون سبباً لحروب المستقبل. وبتفاؤل أكبر يقول آخرون: إن التاريخ يعلمنا أن الشعوب تتعاون فيما بينها متى تعلق الأمر بالماء ولا تقتتل للحصول على هذا المورد الذي يهب الحياة لكل شيء. وفيما يتعلق بإدارة تلك المنطقة العابرة للحدود من نهري دجلة والفرات، فإن مسألة اندلاع حرب من أجل الماء (أو من أجل النفط) باتت تحتل موقعاً مركزياً، لذا صار لزاماً على قادة المنطقة حسمها إن هم أرادوا إحلال السلم والاستقرار في منطقة كهذه. ولضمان الحفاظ على سلامة الأوضاع في هذه المنطقة العابرة للحدود صار يتعين سواء على الدول المعنية بشكل مباشر (تركيا وسوريا والعراق)، أو تلك القريبة من هذين النهرين (الأردن والمملكة العربية السعودية) إعطاء الأولوية لضمان إدارة فاعلة لمياه هذين النهرين.
وتسعى هذه الدراسة لعرض المعلومات والأسباب التي تدعو دول الخليج، ومنها تحديداً دولة الإمارات العربية المتحدة، لأداء دور محوري كوسطاء ولاعبين يسهمون في تيسير عملية بناء السلام والأمن في المنطقة.