تؤثر البرمجيات في حياتنا اليومية بشكل كبير، وتعم مجتمعاتنا المدنية بإستمرار، توفّر الإبتكارات المتواصلة في تكنولوجيا المعلومات والإتصالات فرصاً جديدة وتزيد مدى التطبيقات التي يمكن الحصول عليها.

تشكّل هذه الإختراعات تحديات تقنية وعملية جديدة لمهندسي البرمجيات الذين يجدون الحلول لإستثمار التكنولوجيا الجديدة بصورة أفضل وتطوير أنواع جديدة من التطبيقات الجديدة؛ في الوقت ذاته، يجب على مهندسي البرمجيات صيانة النظم البرمجية المستخدمة حالياً وتطويرها حتى تصبح متوافقة مع التغيرات المطلوبة على المتطلبات، إضافة إلى إستثمار الفرص التي توفرها التكنولوجيا الجديدة بأكمل صورة، نتيجة لتطوير البرمجيات، إزداد حجم ودرجة تعقيد النظم البرمجية بصورة مطّردة، ما أدى إلى زيادة التحديات التي تواجه عمليات تطوير البرمجيات وصيانتها أكثر وأكثر من ذي قبل، بحيث يتطلب ذلك وسائل محسّنة.

يلقي هذا الكتاب الضوء على بعض آخر المستجدات في حقل هندسة البرمجيات، تتكوّن فصول الكتاب عن بعض المحاضرات التعليمية التي حاضر فيها عدد من روّاد البحث المعروفين دولياً في أول ثلاث محاضرات في الندوة الدولية الصيفية التي نظمتها جامعة ساليرنو في إيطاليا حول هندسة البرمجيات؛ حيث تم تنظيم هذا الإصدار في أربعة أجزاء: هيكليات البرمجية، الأساليب والتقنيات الحديثة في تطور البرمجية وإدارة العملية.

يتضمن الجزء الأول، في فصوله الثلاثة، تصميم هيكلية البرمجية، وهو نشاط حاسم مهم في تطوير النظم البرمجية، فهو يركّز على تأسيس الهيكلية الكلية للنظام البرمجي، وذلك بتعريف عناصر النظام الأساسية والترابط بينها، وهو يوفّر فكرة نظرية مهمة تساعد في فهم تعقّد النظام؛ في السنوات القليلة السابقة، تطورت هيكليات البرمجيات من كونها بُنى معرَّفة مسبقاً متراصة ومركزية لتصبح غير مركزية وموزعة، وتتكوّن من عناصر ومكوّنات متحدة بصورة ديناميكية.

ويشتمل الجزء الثاني على بعض الأساليب الحديثة كالأدوات البرمجية (Agents)، والحوسبة خدمية التوجه (Service-o r iented computing)، وإختبار النظم كائنية التوجه، والأساليب الرسمية (Fo r mal Methods)، وتطوير تطبيقات الويب (Web Development).

أما الجزء الثالث، فتضمن التقنيات المستخدمة في تطور البرمجيات، إن الطبيعة الديناميكية للبرمجيات هي إحدى أهم مميزاتها، ليس ذلك فحسب، بل إنها إحدى أهم أسباب تعقيد البرمجية، في الواقع، تحتاج البرمجيات إلى تطور مستمر لتلبّي المتطلبات المتغيّرة في هذا العالم، ولتشمل التقنيات المبتركة.

أما الجزء الرابع فيركّز على إدارة العمليات وهي موضوع آخر رئيس في هندسة البرمجيات؛ في الواقع حيث تم إدراك حقيقة أن جودة النظام البرمجي تتأثر بشكل كبير بجودة العملية المستخدمة لتطوير النظام وصيانته، إدارة العمليات تعني إستخدام المهارات والمعرفة والأدوات والتقنيات لتعريف وقياس العمليات والسيطرة عليها وتحسينها، وذلك للتحقق من جودة النظم البرمجية بطريقة تحقق كفاءة من ناحية التكاليف.

وفي هذا السياق، تؤدي الإختبارات التجريبية المبينة على الملاحظة دوراً مهماً في نقل نتائج أبحاث هندسة البرمجيات إلى عمليات صناعة البرمجيات ولتحويل الخبرات إلى معرفة.