أخذت الدراسة الوصفية للغة تسيطر على ميدان الدراسات اللغوية، منذ مطلع القرن الفائت، وذلك حين ظهر كتاب ",دي سوسير", (محاضرات في الألسنية العامّة)، عام 1916م، ومن ثم أخذت قيمة الدراسات اللغوية تتحد بمدى إنسجامها مع هذا المنهج الجديد.

قسمت هذه الدراسة الوصفية للغة إلى منهجين، هما: المنهج الوصفي التقريري، والمنهج الوصفي التفسيري، واتجه المنهج الأول نحو الوصف المحض، دون إقحام التفسيرات في الوصف اللغويّ، إذ يكتفي بوصف الظاهرة من الخارج وصفاً شكلياً، ولا يعترف بما لا يظهر على السطح الظاهر، الذي يمكن إخضاعه للملاحظة العلمية والتجريب.

أما المنهج الثاني، وهو المنهج الوصفي التفسيري، فيرى أنّ الظاهرة اللغوية لا يمكن فهمها بالإقتصار على الخارج، إذ لا بدّ من النفاذ إلى المبنى العميقة، وهذه البنى العميقة لا تكون ظاهرة على السطح، وإن كانت هي المسؤولية عن توليد هذا السطح، فهي حقيقة سيكولوجية ذهنية؛ وكونها كذلك، لا يعني أنها غير موجودة؛ لأنه لا يمكن تفسير تجسداتها الفعلية الظاهرية دون إفتراض وجودها ومحاولة إثباتها.

ومن هنا، لا يصحُّ الإقتصار على الوصف التقريري الخارجي، بل لا بدَّ أن يكون للقوانين الموضوعة للغة قوة تفسيرية.