وصف الكتاب
قليلة هى الأعمال الإبداعية النسائية التى تتسم بالعنف وتحطيم جميع التابوهات من خلال وصف دقيق للدوافع الخفية للطبيعة الأنثوية وثنائية الجنس والعنف للوصول إلى تعرية الحقيقة تماماً ووضعها أمام القارئ وجهاً لوجه, هذا ملمح من ملامح المجموعة القصصية الصادرة عن سلسلة الجوائز بعنوان",الأنثى كنوع", للكاتبة الأمريكية ",جويس كارول أوتس",. ترصد القصص التسعة التى احتوتها المجموعة الحياة العامة اليومية للواقع الأمريكى بعين ثاقبة, وتحاكم عنفه المادى بعنف روحى أشد وطأة من خلال بطلاتها اللائى كن بمثابة مرايا مختلفة الزوايا تعكس هذا الخواء المادى حيث تُرتكب أبشع الجرائم بدافع من العاطفة أو الإحباط أو حتى السفه.. ربما لأن ",جويس كارول أوتس", ترى أن المرأة بطبيعتها تكاد أن تكون بالفعل مرآة عاكسة لمزايا ومثالب مجتمعها. هنا، سيروح القارئ فى تجليات هلاوس طفلة قيل إن أمها أحرقت أباها حياً, فترى أرانب حبيسة فى أقفاص بالقبو المهجور تتوسل إليها لتنقذها, ومن خلال بناء أدبى يختلط فيه الغموض المرتبط بالقوى الميثافيزيقية بصراعات يومية مألوفة يختلط الأمر على القارئ فلا يصل أبداً إلى يقين مَنْ الذى يحتاج بالفعل إلى الإنقاذ؟ وسيتابع غضب طلفة إلى أقصى مداه حيث تقوم لجذب انتباه أبويها بفعل أكثر فتكاً من جميع التصورات حين تحمل أخاها الرضيع وتصعد به إلى أعلى وأخطر نقطة إلى برج سطحها القرميدى المنزلق ثم تنتظر هناك وهى تقاوم سقوطهما المروع فقط لكى يلحظها أبوها المسافر أو أمها المستغرقة في حفلتها أو الضيوف الذين يملأون البيت صخباً. وسيضع يده على قلبه مثله مثل امرأة شابة تقع فريسة لمكالمات مجهولة, فتعلق فى شرك الخوف وتضيع تماماً فى التساؤل عن هوية مَنْ يهاتفها.. هل هو زوجها الغيور ",رجل الشرطة", الذى أفسد حياتها ولم يمنحها فرصة لتكون كائناً مستقلاً أو ربما كان غريباً يعرف عنها أكثر مما ينبغى, وفى النهاية لا تخرج من هذا الشرك إلا بارتكاب جريمة دونما قصد وبمحض صدفة أن البندقية كان بها بالفعل رصاص.وسيفتح عينيه على اتساعهما من الرعب وهو يتابع مصير امرأة تعيسة انصب هوسها على الموضة, وبينما ذات يوم تكتشف فى أحد بيوت الأزياء باباً سرياً, فتصر أن يسمحوا لها بدخوله, وكما حدث عند فتح ",باندورا", لـصندوقها لم يستطع هوسها المحموم توقع أن تلقى حتفها بشكل ",فانتازى", حيث تتحول إلى ",مانيكان", غارق فى دمائه خلف باب سرى فى أحد بيوت الأزياء الأقرب إلى قلبها, وتشيعها إحدى عاملاته وهى تتأمل جثتها بعين متمرسة واحترام وقدر من التعاطف. هكذا ترى ",أوتس", الحياة الأمريكية المعاصرة متسمة بالعنف, وهى تولى اهتماماً خاصاً لتجليات هذا العنف على الحب وعلى الطبيعة الأنثوية تحديداً، فقد يبدو أبطالها للوهلة الأولى أشخاصاً عاديين غير مبالين بما يواجهونه من عنفٍ, ولكنهم محاطون دائماً بقوى خارقة تضىء تصرفاتهم وتفسر مشاعرهم التى لا يعبرون عنها بسهولة ولا بطريقة مباشرة.