وصف الكتاب
الجريمة والعقاب (بالروسية: Преступление и наказание) هي رواية اجتماعية-نفسية واجتماعية-فلسفية ضمن أدب الجريمة من تأليف الروائي الروسي فيودور دوستويفيسكي. نُشرت الرواية لأول مرة في المجلة الأدبية الرسول الروسي عام 1866 على شكل سلسلة أدبية بحلقات متسلسلة على 12 شهرا بعد سنة، تم نشر طبعة منفصلة ومحسنة الهيكل عن إصدارات المجلة الأدبية ضمت اختصارات وتغييرات أسلوبية أدرجها المؤلف ضمن إصدار الكتاب. تعد الرواية ثاني أطول روايات دوستويفيسكي بعد عودته من منفاه في سيبيريا وأفضل رواياته خلال فترة نضجه الأدبي، كما تصنف واحدة من أعظم الأعمال الأدبية في التاريخ.
نمت فكرة ",الجريمة والعقاب", عند ديستوفسكي لسنوات عدّة وكان موضوعها الرئيسي هو الفكرة لدى بطل الرواية عن الفرق بين الأشخاص ",العاديين", و",غير العاديين", وترتبت الفكرة بشكل شبه كامل عندما كان في إيطاليا في العام 1863 حيث بدأ العمل على الرواية من خلال جمع المسودات غير المكتملة التي وضع بها الخطوط العريضة لقصّة الرواية. تحكي الرواية عن عائلة مارميلادوفوكان المخطط الأساسي للرواية هو الاعتراف بالجريمة من قبل مرتكبها قبل أن تتوسع الخطة لتشمل جريمة قتل قام بها الطالب روديون راسكولينكوف حيث قتل مُقرضاً قديماً للمال لأجل إنقاذ أحبائه، في هذا الوقت لم تعد قصة الجريمة هي الموضوع الوحيد للراوية لكن أيضاً الظروف الإجتماعية والنفسية التي تدفع الشخص لارتكاب الجرائم إضافة للخوض في العمليات المعقدة التي تحدث في النفس البشرية. الرواية تصوّر مدينة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر تملؤها الصراعات. أعاد العمل إنتاج طبوغرافية سانت بطرسبورغ.
سبَّبَ نشر ",الجريمة والعقاب", في جدال عاصف في المجتمع الأدبي في روسيا؛ تراوحت آراء المراجعين بين من رفضها بشكل كامل وبين من رحَّبَ بالعمل. قام معاصرو دوستويفسكي مثل ديمتري بيساريف ونيكولاي ستراخوف ونيكولاي أخشاروموف بتحليل أساسي للعمل. تُرجم العمل في ثمانينيات القرن التاسع عشر إلى الفرنسية والألمانية والسويدية والإنجليزية والبولندية والمجرية والإيطالية والدنماركية والنرويجية والفنلندية حيث كان للرواية تأثير كبير على الحركة الأدبية العالمية خصوصاً في الأدب الفرنسي والإيطالي والألماني، ظهرت سلسة روايات كومبانيون (بالإنجليزية: Companion Novels) واستمروا في تطوير الموضوع الذي وضعه دوستويفسكي إضافة للأثر الكبير الذي تركته الرواية على علم النفس وباحثيه مثل سيغموند فرويد الذي شكلّت أعمال ديستوفسكي عموماً والجريمة والعقاب خصوصاً أساساً لمُعالجته مرض الصرع. عُرضت الرواية عدّة مرات من خلال الأفلام أو لمسلسلات وقد ظهرت العروض الأولى في ثمانينيات القرن التاسع عشر وأول إنتاج مسرحي في روسيا كان عام 1899 وقُدمت أول نسخة مسرحية أجنبية في باريس عام 1888 وصُورتْ.
بداية الفكرة
الرحلة من الفكرة إلى التجسيد
بدأت فكرة العمل حول مفهوم ",الشخصية القوية", غير الخائفة من الندم والأحكام البشرية، نضجت هذه الفكرة خلال عمل ديستوفسكي في الأشغال الشاقة وقد بعث رسالة إلى شقيقه في عام 1859 قال له فيها أنّه ",يخطط للبدء في رواية في المستقبل القريب",. تشكلت معالم الرواية الرئيسية عندما كان ديستوفسكي في حالة حزن شديدة وانهيار ذاتي وكان ملازماً لسريره أغلب الأوقات، وقد اتضح للكاتب أن الانتقال من الفكرة إلى التنفيذ أطول مما توقع خاصةً في بناء خصائص ذلك الشخص الذي ",يستطيع أن يقود نفسه إلى ما لا نهاية",، في بداية الأمر أعطى الكاتب بطل الرواية خصائص من قصته ملاحظات من بيت الموتى.
في صيف عام 1865 كان ديستوفسكي يعاني من وضعٍ ماليٍ صعب فلجأ إلى ناشر مجلة ملاحظات محلية أندريه كريفسكي وطلب أن يُقرضه مبلغاً قدره 3000 روبل مقابل رواية السكران (بالروسية: Пьяненькие) التي سيكتبها والتي حددت مخططاً لقصّة مرتبطة بـ ",صور الحياة", للعائلة مارميلادوف، وقد أرسل دوستويفسكي اقتراحًا مشابهاً إلى فالنتين كورش محرر مجلة سانت بيتربورغسكي فيدمستي ووعد الناشرين بتقديم المخطوطة النهائية للرواية في موعد أقصاه أكتوبر من نفس السنة لكن طلب ديستوفسكي جاء بالرفض من الجهتين. نتيجةً لذلك لجأ ديستوفسكي للناشر فيودور ستيلوفسكي وأعطاه جميع حقوق نشر أعماله المجموعة في ثلاث مجلدات ليحصل على المبلغ المطلوب إضافةً لحصول ستيلوفسكي على وعد من فيودور ميخائيلوفيتش ديستوفسكي يقضي بأن يكتب له رواية جديدة في مدّة أقصاها شهر نوفمبر من العام 1866 ستسمى لاحقاً بـالمقامر.
أتاح هذا الاتفاق لديستوفسكي تسديد ديونه والذهاب إلى الخارج، وهناك زادت أوضاع ديستوفسكي المالية سوءًا، حيث خسر الأموال وبعض أغراضه الشخصية خلال خمسة أيام عندما كان يتردد على الكازينوهات في فيسبادن وقد وجه رسالة إلى أبولينيرا سوسلوفا في أغسطس من العام 1865 كتب فيها عن حرمانه من وجبات الطعام وباقي الخدمات التي يقدمها الفندق:
إنهم لا يقومون بتنظيف ملابسي حتّى ولا يأتون إلى غرفتي أو يردوا على حديثي معهم.
في هذا الجو، بدون مال ولا طعام وحتّى ضوء، بدأ ديستويفسكي بالعمل على رواية ",الجريمة والعقاب",، وحسب الناقد ليونيد غروسمان، فإن الأفكار التي احتاجت أوقات طويلة للنضج اكتملت في وضع الإنهيار المالي، حيث قدمت للكاتب مزيجاً جديداً وأوضحت له فكرة التكوين الإجرامي.
اقترح دوستويفسكي في سبتمبر من العام 1865 على محرر مجلة الرسول الروسي ميخائيل كاتكوف أن ينشر عمله الجديد في صفحات من أعداد المجلة قائلاً إن العمل الذي بدأه كان ",سرداً نفسياً لجريمة واحدة",:
صفحة من مفكرة ديستوفسكي تحتوي على فكرة الجريمة والعقاب
النص حديث كتبته هذا العام يحكي قصة شاب مطرود من الجامعة يُقرر قتل امرأة عجوز تُقدم المال مقابل فائدة. إضافة إلى ذلك فإن قصتي تحتوي إضاءة على فكرة أن العقوبة القانونية المفروضة على جريمة ما هي أقل تخويفاً بالنسبة للمجرم مما يعتقده رجال القانون، لأنّه هو نفسه يطلبها أخلاقياً.
أرسل كاتكوف 300 روبل إلى ديستوفسكي في فيسبادن لكن الأموال وصلت متأخرة حيث كان ديتسوفسكي قد عاد إلى روسيا ويتابع العمل على ",الجريمة والعقاب", في سانت بطرسبورغ. في شهر نوفمبر 1865 لم يقتنع ديستوفسكي بعمله في أحد المسودات فقام بحرقها وأعاد العمل من جديد، وبعد شهر قدم لكاتكوف أول سبع أوراق في الرواية إضافة إلى إرساله العمل ",للنشرة الروسية", على أجزاء. كتب في إحدى رسائله:
أنا جالس في العمل مثل المحكوم عليه، طوال الشتاء لم أذهب إلى أي مكان، لم أر أي شخص أو أي شيء، ذهبت إلى المسرح مرة واحدة فقط، وسأبقى هكذا حتى نهاية الرواية - إذا لم يضعوني في دائرة الديون.
قصة الإبداع
من خلال مسودات ديستوفسكي يُمكن ملاحظة مرور ",الجريمة والعقاب", بثلاث مراحل إبداعية رئيسية، بدأ العمل في غرفة الفندق في فيسبادن بصورة اعتراف رجل بارتكاب جريمة. كان السرد بضمير المتكلم ",أنا في محاكمة وسأقول كل شيء، أنا أكتب لنفسي وأُريد من الآخرين أن يقرؤوا أيضا.", خضع العمل لعدّة تغيرات في الفكرة وضُمّنت أجزاء من الرواية غير المكتملة ",السكران", في المخطوطة. وفي هذه المرحلة جُمع بين قصتين مختلفتين -المحكوم عليه وعائلة مارميلادوف- وأيضا لم تنلْ رضا فيودور ميخائيلوفيتش مما جعله ينتقل إلى الإصدار الثالث والأخير من الجريمة والعقاب، وقد كتب ملاحظة لنفسه: ",أنا أتكلم بنفسي ولا أتكلم عنه، من الضروري الافتراض أن المؤلف مخلوق كلي العلم ولا يخطئ",.
لم يكن للشخصية الرئيسية في الرواية لقب واضح في الإصدار الأول للعمل، وقد أُطلق عليه فاسيلي وفاسيوك بناءً على اقتراح صديق ديستوفسكي رازرزميخين. سُميَّ المحقق في جريمة القتل باسم بورفيري ستيبانوفيتش، ثم تغير اسمه ليصبح بورفيري فيليبيفيتش سيميونوف. أيضا من بين الشخصيات كانت الابنة الصغيرة ليزافيتا سياسيا التي تربطها علاقة حميمة بالمجرم أمّا سونيا فقد ظهرت في وقت لاحق في ملاحظات منفصلة، كانت البطلتان جنبًا إلى جنب، ولكن بعد ذلك تم استبعاد سياسيا من الرواية. كان سفيدريجيلوف (المسمى في البداية أريستوف) في المسودة الأولى لدفاتر الملاحظات شخصية عرضية أبلغ البطل بأنه يعرف اسم المجرم.
ربّما استوحى ديستوفسكي فكرة ",الجريمة والعقاب", من خلال محاكمة جيراسيم تشيستوف البالغ من العمر سبعةً وعشرين عاماً وهو ممثل لعائلة تجارية كبيرة قام بقتل إمرأتين كبيرتين في السن باستخدام فأس في يناير من العام 1865 ثم أخذ المال والأشياء الثمينة وخرج من المنزل.
بدأت محاكمة تشيستوف في أغسطس من نفس العام وكان ديستوفسكي على دراية بالتفاصيل الكاملة لمحضر التحقيق. وفقاً لليونيد غروسمان ",يمكن لمواد هذه العملية أن تعطي دفعة لخياله الفني في المرحلة الأولى", من العمل في الرواية.
وصول فيودور ميخائيلوفيتش للإجابة عن سؤال: لماذا قام راسكولينكوف بقتل العجوز؟؛ كان وصولاً شائكاً وقد كتب رسالة لكاتكوف عللّ فيها أفعال البطل ",بالحساب البسيط", حيث قرر البطل قتل امرأة عجوز صماء وغبية من أجل إتاحة فرصة للأشخاص اللذين يعانون من اضطهادها وقد كان البطل واحداً منهم مع أُمه وأخته. في النسخة الثانية أيضاً كان هناك شيء من الصفات الخاصة بالشخصية:
أستولي على السلطة، وأكتسب القوة سواء كانت عن طريق المال أو القوة، وليس من أجل الشر. بل لأجلب السعادة لنفسي
وفي النسخة النهائية تم التعبير عن فكرة نابليون التي يمتلكها راسكولينكوف والمتمثلة بتقسيم البشرية إلى ",مخلوقات خائفة", و",أسياد",.
الكتابة
توصل دوستويفسكي إلى فكرة الجريمة والعقاب في صيف عام 1865. كان في هذا الوقت مديناً بمبالغ ماليّة كبيرة للدائنين وكان يحاول مساعدة عائلة أخيه ميكائيل الذي مات في أول عام 1864. عرض دوستويفسكي قصته على الناشر ميكائيل كاتكوف والذي كانت مجلته الشهرية الرسول الروسي مجلة ذات قيمة كما كانت بداية ظهور ليو تولستوي وإيفان تورجينيف. إلا أن دوستويفسكي كان قد خاض مناقشة مؤلمة مع كاتكوف في أوائل 1860، لذا فقد فضل عدم نشر أي شئ في صفحاتها. إلا أنه وكما أجبره الموقف حيث لم تتلق روايته القبول في أي مكان آخر، اتجه دوستويفسكي إلى كاتكوف كملاذ أخير. في خطاب إلى كاتكوف كتبه في سبتمبر من عام 1865، شرح دوستويفسكي أن العمل سيكون حول شاب يخضع إلى أفكار غريبة معينة غير منتهية إلا أنها لا تزال تحوم في الأجواء، لذا فقد قرر خوض خطته لاستكشاف المخاطر الأخلاقية والنفسية لأيدولوجية ",التطرف",. في الخطابات المكتوبة في نوفمبر من عام 1865 حدث تغير مفهومي هام وهو أن ",القصة", أصبحت ",رواية", ومن هذه اللحظة فصاعداً سيُشار إليها بأنها رواية الجريمة والعقاب. كان على دوستويفسكي أن يسابق الزمن لينهي من المقامر والجريمة والعقاب في الوقت المحدد. كانت أنا سنيتكينا عوناً كبيراً له في مهمته الصعبة، والتي كانت كاتبة بالخط المجموع وستُصبح لاحقاً زوجته الثانية. نُشر الجزء الأول من الجريمة والعقاب في يناير 1866 في الرسول الروسي، ونُشر الجزء الثاني في ديسمبر 1866.
في الإصدار الكامل لأعمال دوستويفسكي والمنشور في الإتحاد السوفيتي، قام المحررون بإعادة تجميع وطباعة الدفتر الذي احتفظ به الكاتب طوال فترة كتابته للجريمة والعقاب. بسبب هذه الأعمال، هناك حاليا كتابات متقطعة من القصة بالإضافة إلى إصدارين آخرين للنص. عُرفت هذه الإصدارات بإصدار فيسبادن وإصدار بيتسبيرج والخطة الأخيرة. يركز إصدار فيسبادن بشكل كامل على ردات الفعل الأخلاقية والنفسية للراوي بعد القتل لذا فهو يتشابه تماما مع القصة التي وصفها دوستويفسكي في خطابه إلى كاتكوف.
الحبكة
روديون رومانوفيتش راسكولنكوف هو طالب حقوق سابق يعيش في فقر شديد في حجرة صغيرة بالإيجار في سانت بيترسبيرج. تخلي راسكولنكوف عن كل محاولاته في إعالة نفسه ورسم خطة لقتل وسرقة المرابية العجوز إيلينا إيفانوفنا. أثناء التفكير في خطته، تعرف على سيميون زاخاروفيتش مارميلادوف وهو سكير قام بتبديد ثروة عائلته الصغيرة. يخبره مارميلادوف عن ابنته المراهقة سونيا والتي قررت أن تصبح عاهرة لتعول العائلة. يتلقى راسكولنكوف رسالة من والدته تتحدث فيها عن قدومهم لزيارته في سانت بيترسبيرج وتشرح مشكلة أخته دونيا والتي تعمل مدبرة منزل ورئيس العمل سئ النية. للهرب من موقفها الصعب وأملا في مساعدة أخيها، اختارت دونيا الزواج من عاشق غني. غضب راسكولنيكوف بشدة داخليا من تضحيتها حيث شعر بأنها فعلت مثل ما كانت سونيا مجبرة أن تفعله.
بعد الكثير من التأني، تسلل راسكولنكوف إلى شقة أليونا إيفانوفنا حيث قتلها بفأس كما قتل أيضا أختها نصف الشقيقة ليزافيتا والتي كانت شاهدة على مسرح الجريمة مصادفة. لصدمته من فعلته، لم يستطع سرقة سوى حفنة من الأشياء وحقيبة صغيرة تاركا الكثير من ثروة المرابية كما هي. يهرب راسكولنكوف بعد ذلك وبسبب تسلل من الأحداث يستطيع الهرب دون أن يراه أحد.
بعد جريمة القتل غير المتقنة، أصيب راسكولنكوف بحالة حمى وبدأ القلق بشدة حيال القتل. خبأ راسكولنكوف الأشياء المسروقة والحقيبة تحت صخرة وحاول بيأس أن ينظف ملابسه من الدماء أو من أي أدلة ثم أصيب بالحمى لاحقا في هذا اليوم بعد أن اتصل بصديقه القديم رازوميخين. مع قدوم وذهاب الحمى في الأيام التالية تصرف رازوميخين كما لو كان يريد خيانته حيث أظهر ردود أفعال غريبة لأي ذكر لقتل المرابية والذي أصبح حدثا في المدينة وانتشر الحديث عنه. في هذيانه أخذ راسكولنكوف يمشي في شوارع سانت بيترسبيرج حيث جذب الانتباه إليه أكثر وأكثروعن علاقته بالجريمة. في أحد مرات مشيه في المدينة التقى بمارميلادوف الذي ضربته حافلة على نحو قاتل. أسرع راسكولنكوف لمساعدته ونجح في نقله إلى شقة عائلته حيث يموت مارميلادوف بين أيدي ابنته سونيا وهو يطلب منها أن تسامحه. يعطي راسكولنكوف آخر عشرين روبل معه (من المال الذي أرسلته له والدته) إلى زوجة مارميلادوف المصابة بالسل كاترينا إيفانوفنا قائلا أن هذا رد لدين صديقه.
في الوقت نفسه تصل والدة راسكولنكوف بلخريا ألكسندروفا وأخته أفدوتيا رومانوفنا (دونيا) إلى المدينة. كانت دونيا تعمل مدبرة منزل حتى هذه اللحظة لكنها أجبرت لكونها كبيرة العائلة على الزواج من إيفانوفتش. كان إيفانوفيتش رجلا متزوجا ثريا لكنه كان منجذبا إلى جمال جسد دونيا وإلى صفاتها الأنثوية وعرض على دونيا الثراء والهروب معها. بخزي، هربت دونيا وخسرت مصدر دخلها فقط لتقابل بيوتر بيتروفيتش وهو رجل ذو دخل محدود. كان بيتروفيتش قد تقدم للزواج من دونيا وبالتالي سيؤمن لها ولعائلتها أمانا ماديا بشرط أن تقبله سريعا وبدون أسئلة. ولهذه الأسباب قدما إلى سانت بيترسبيرج لمقابلة بيتروفيتش وللحصول على موافقة راسكولنكوف. إلا أن بيتروفيتش كان قد اتصل ب راسكولنكوف وهو في حالة من الهذيان وقدم نفسه كرجل أحمق معتد بنفسه ووقح. رفضه راسكولنكوف فورا كزوج محتمل لأخته وأدرك أنها وافقت عليه فقط لتساعد عائلتها.
مع تقدم الرواية، يتعرف راسكولنكوف على المحقق بورفيري والذي بدأ يشك في كونه على علاقة بحادثة القتل بناء على أسباب نفسية فقط. في نفس الوقت، نشأت علاقة عفيفة بين راسكولنكوف وسونيا. سونيا على الرغم من كونها عاهرة إلا أنها ممتلئة بالأخلاق المسيحية ولم يدفع بها إلى هذه المهنة سوى فقر عائلتها. في هذه الأثناء يتمكن كل من رازوميخين وراسكولنكوف من إقناع دونيا بعدم الاستمرار في علاقتها مع بيتروفيتش والذي اتضحت شخصيته الحقيقة بأنه متآمر وحقير. في هذه الأثناء يظهر إيفانوفيتش من جديد في المشهد حيث أتى إلى مقاطعة بيترسبيرج للبحث عن دونيا حيث يقول أن زوجته مارفا بيتروفنا قد ماتت وأنه ينوي إعطاء دونيا كميات كبيرة من الأموال بدون مقابل. دونيا وبمجرد سماعها الأخبار ترفض لشكها في خيانته.
مع استمرار مقابلة راسكولنيكوف وبورفيري تظهر دوافع راسكولنيكوف للجريمة ويصبح بورفيري أكثر ثقة من كون الرجل مذنبا إلا أنه لا يمتلك دليلا قويا أو شاهدا لدعم شكوكه كما أن رجلا آخر اعترف بارتكابه الجريمة بعد اعتقاله واستجوابه. إلا أن أعصاب راسكولنيكوف استمرت في التآكل وأصبح يتصارع مع فكرة الاعتراف على الرغم من معرفته من أنه لا يستطيع أن يدينه أحد. يتجه إلى سونيا من أجل الدعم ويعترف بارتكابه الجريمة لها. مصادفة كان إيفانوفيتش قد نزل في الغرفة المجاورة لسونيا وتنصت على الاعتراف كاملا. عندما تقابل الرجلان وجها لوجه أخبره إيفانوفيتش بهذه الحقيقة وأخبره بأنه قد يستخدم هذا ضده إن أراد. إيفانوفيتش يتحدث أيضا عن ماضيه ويبدأ راسكولنيكوف يشك في أن الشائعات عن أن إيفانوفيتش ارتكب العديد من جرائم القتل صحيحة. في محادثة أخرى مع دونيا ينفي إيفانوفيتش أن له أي يد في مقتل زوجته.
كان راسكولنيكوف محطما تماما في هذه النقطة حيث كانت سونيا تلح عليه بأن يعترف كما أن إيفانوفيتش يستطيع إدانته في أي وقت. بإضافة إلى ذلك فإن بورفيري واجه راسكولنكوف بشكوكه وأكد له أن اعترافه سيخفف من الحكم ضده. في هذه الأثناء يحاول إيفانوفيتش إغراء سونيا وعندما أدرك أنها لن تحبه أبدا تركها تذهب. بعد ذلك قضى ليلة مرتبكة وفي الصباح أطلق النار على نفسه. في نفس الصباح اتجه راسكولنيكوف ثانية إلى سونيا والتي ألحت عليه ثانية ليعترف وليخلي ضميره. اتجه راسكولنيكوف إلى قسم الشرطة حيث وصلته أخبار انتحار إيفانوفيتش. تردد للحظة حيث أدرك أنه يمكنه الفرار بجريمة مثالية إلا أن سونيا أقنعته بأن يعترف.
تتحدث الخاتمة عن الحكم على راسكولنيكوف بثمان سنوات مع الأشغال الشاقة في سيبيريا حيث تبعته سونيا. تزوج دونيا ورازوميخين وكانوا في حالة سعيدة في نهاية الرواية في حين أن بولخيريا والدة راسكولنيكوف تمرض وتموت حيث لم تستطع التوافق مع حالة ابنها. راسكولنيكوف نفسه عانى في سيبيريا. إلا أنه وبعد بعض الوقت في السجن أدرك خلاصه وبدأ التجدد الأخلاقي تحت تأثير حب سونيا.