وصف الكتاب
أصابه الأرق تلك الليلة ، أصبحت تلك عادته منذ أن باشر التحقيق في جرائم القتل .... كيف ؟ لماذا ؟ من ؟ متى ؟ أين ؟ كم عددهم ؟ كان عقله يضج بتلك الأسئلة ، كان سارحا بتفكيره منهمكا في تدخين سجائره واحدة تلو الأخرى عندما يخطر بباله شيئا ما يثيره شكوكه يتوقف الزمن من حوله لبرهة ثم يواصل تدخينه ، كان سيصاب بالجنون لو ظل على تلك الحالة ليقفز فجأة من فوق سريره تاركا كل شكوكه و استنتاجاته بغرفته ليحكم إغلاق بابها ريثما يعود ....
خرج لاستنشاق بعض الهواء عله يريح عقله قليلا و يرتب أفكاره ، كانت ساعة يده تشير إلى منتصف الليل تماما ، كان الشارع فارغا إلا من بعض السكيرين على جانب الطريق ، كان سارحا بتفكيره إلى أن أحس بشخص يتأبط ساقه ، اقشعر بدنه للحظة ثم لانت ملامحه عندما وجدها فتاة صغيرة ، كانت ملامحها هادئة و بريئة كانت تبتسم بعفوية لم يستطع تبين شكلها جيدا بسبب الظلام لكن ما شده تلك اللمعة بعينيها ، كانت عينيها تحتضن تلك الدمعات المتلألئة و كأنها غير قادرة على التفريط بهم ، كان شعرها يصل إلى كتفيها على ما أظن مرتدية ثوبا لم أميز لونه جيدا كان أبيض اللون يخالطه اللون الزهري أو الأحمر على ما أظن ..... لكن ما الذي تفعله فتاة بسنها في هذه الساعة المتأخرة من الليل ؟؟؟ ذلك ما لم أفهمه !!!!
ايقظه من شروده صوتها الباكي : عمو ساعدني رجاء لقد أوقعت دميتي هناك ساعدني على جلبها أرجوك لا أستطيع النوم دونها ، كانت تشده من ثيابه قاصدة المكان الذي تشير إليه بإصبعها ....
مهلا يا صغيرة ، أين والديك ؟ لم انت هنا ؟ و متى اوقعتي دميتك تلك ؟ لا يعقل أنك كنت تلعبين بها هنا في هذا الوقت المتأخر !!!
لم أكن قد أنهيت كلامي لتنفجر باكية : ارييييدها اريييد دميتي الآن
اشش حسنا حسنا سأجلبها لك لكن اهدئي رجاء هيا كفي عن البكاء عزيزتي ....
كانت تكفكف دموعها و ترشدني إلى حيث أوقعت دميتها لأجد نفسي بمكان مهجور لم انتبه متى غادرنا الشارع حتى ، لقد كنا على أطراف المدينة !!!! متى قطعنا كل تلك المسافة ؟؟؟!!! هنا تسارعت الأسئلة إلى عقلي لتتسارع معها نبضات قلبي كذلك كنت اعيد ترتيب الأحداث.... ماذا دهاني كيف اسمح لنفسي بتصديقها ما الذي كانت ستفعله فتاة بسنها في تلك الساعة لكن الأوان قد فات بالفعل على الندم ..... مما زاد وحشة المكان أن الصغيرة اختفت ،
أين أنت يا هذه ؟ ما هذا المكان ؟ متى وصلنا إلى هنا ؟؟ من طلب منك فعل ذلك ؟؟
شد سمعي خطوات أحدهم خلفي في تلك اللحظة كان الخوف و القلق و الارتباك المشاعر المسيطرة علي لقد غيب عقلي تماما لم أكن بحالة تسمح لي باستخدامه أساسا شددت على معطفي و كأنني استمد منه بعض القوة ، كنت أجزم أنه من كان خلفي قادر على سماع ضربات قلبي الذي كان سيخرج من بين اضلعي ، التفت ببطئ لأجدها ورائي ، نعم لقد كانت تلك الصغيرة ، نفس الثوب لكن ما زاد الأمر سوءا أن ذلك اللون الذي لم أميزه ببياض ثوبها بالشارع كان دما !!!! كانت ملتفتة بالاتجاه المعاكس لي لم اتبين ملامح وجهها بعد لم أستطع مناداتها لقد شل لساني عن الحركة ، كانت تبكي هذا ما ظننته لقد كان جسدها يهتز ببطئ لتهرب منها شهقات بين حين و آخر ....
اقتربت منها بهدوء لأقوم بهز كتفها ببطئ لتلتفت إلي بدورها و هنا كانت الصدمة !!!!!
تراجعت إلى الوراء لأتعثر بأحد الحجارة و أسقط أرضا ..... كان وجهها مشوها تماما !!! رسم عليه رموز لم أفهم معناها ، أحد عينيها كانت مفقوءة و شعرها منفوش تمسك بيدها دمية ملطخة بالدماء!!!!! متى حدث كل ذلك لقد كانت على خير ما يرام قبل قليل ؟؟؟؟!!!! بئسا لي لقد كان الظلام حالكا عندما التقيتها ، لكن الأمر المتأكد منه أنها لم تكن تحمل دمية بيدها لقد كانت تبحث عن دميتها أساسا.....
كانت تشير نحوي باصبعها و تخبرني بشيء ما ، لقد كنت تحت هول الصدمة صدقا لم أفهم كلمة واحدة مما قالته لي كنت أرى فقط فمها يتحرك مما أكد لي أنها تقول شيئا ما بالفعل ، لم تكن لي القدرة لأسألها عما كانت تقوله كنت التفت إلى المكان الذي تشير إليه رباااه سأجن إنها تشير نحوي تماما لم أفهم شيء ، مهلا ما هذا ؟؟!! الحجارة التي تعثرت بها منذ قليل !!!! رباه أتمنى ألا يكون شكي بمحله اتوسل إليك كنت أتحسس المكان حولي و أهمس بدعائي..... بئسا إنه كذلك بالفعل !!!!!! لقد كان قبرا هذا ما كنت أخشاه ، لم أعد أحتمل أكثر يكفي صدمات لهذه الليلة هذا ما همست به لنفسي و كأن جسدي كان بإنتظار ذلك القرار لأفقد وعيي ، كنت أسمعها تبكي بجواري : ساعدني أرجوك لترقد روحي بسلام أرجوك ساعدني اتوسل إليك....
استيقظت صباحا لأجد نفسي بغرفتي ، هل كان كابوسا ؟؟؟!!! كنت ابتسم صدقا لقد شعرت بالسرور يا له من كابوس مرعب لم يكن علي التفكير إلى ذلك الحد كنت سأجن رباااه يا له من ..... لم أكن قد أنهيت كلامي لأتفاجأ بتلك الدمية الملطخة بالدماء!!! لم يكن كابوسا لم يكن كذلك !!! كنت استرجع أحداث الليلة الماضية آخر ما أتذكره عندما فقدت وعيي ، كانت تخبرني بشيء ما ماذا كانت تقول يا الاهي تذكر يا هذا تذكر ..... مهلا !!! لقد تذكرت ، لقد كانت تطلب مساعدتي لترقد روحها بسلام ، روحها ؟؟؟!!!!!! مهلا ما الذي تقصده هل كانت ميتة ؟؟؟؟!!! رباااه ساعدني ما هذا المأزق لم أنا بالذات ؟؟؟ بئسا لهذا الوضع ، ليلمح شارته فوق الطاولة ، هل كانت تعلم أنني محقق لذلك طلبت مساعدتي ؟؟ الآن أصبح الأمر واضحا بعض الشيء ، لكن كيف عدت إلى هنا ؟؟؟ تبا لك من عقل و كيف وصلت إلى هناك أساسا ....
قرر تناسي الأمر ، لن يصدقه أحد أساسا ، قام بالتخلص من تلك الدمية مستأنفا حياته من جديد بصفة عادية ....
كان يوما عصيبا لكنه مضى على أية حال كان منهكا من شدة التعب ليسقط بنوم عميق .... ساعدني أرجوك اتوسل إليك رجاء هذا واجبك عليك مساعدتي أرجوك .... كان صوتها يتردد بعقله مما حرمه النوم ، لم يدرك متى غادر غرفته و وصل إلى ذلك المكان ، كان قد قرر مساعدتها بالفعل لكن متى غادر و كيف وصل إلى ذات المكان ذلك ما لم يعلمه .....
كانت تجلس بجوار ذلك القبر ممسكة دميتها بيدها ، مهلا !!!! أي دمية ألم تكن تلك بغرفته كيف وصلت إليها ؟؟؟ ايقظه من شروده صوتها : إنه قبري ، كانت تنظر إليه بعينين دامعتين ، لقد قاموا باختطافي ، لقد اشتقت إلى والدي ، كنت ضائعة يومها حين التقيتهم أخبروني أنهم سيأخذونني إليهم لكنهم جلبوني إلى هنا ....
لقد رق قلبي لحالها كانت طفلة صغيرة لم أفهم كيف فعلت ذلك لكنني فعلتها على أية حال ، لقد قمت بضمها إلى صدري مطمئنا إياها أنني سأجد من فعلوا ذلك كنت اربت على رأسها كي تهدأ قليلا لأستطع طرح أسئلتي ....
عندما شعرت بسكون حركتها سألتها : هل تتذكرين أشكالهم ؟ متى احضروك إلى هنا ؟ كم عددهم ؟ هل عرفت أسماءهم ؟
لقد كانوا ثلاثة رجال ، أحدهم كان بطولك كان له شارب طويل بعض الشيء سمعت أحدهم يناديه بمجد و الآخر كان بدين و قصير اسمه حمدي اما الشخص الثالث لم أستطع معرفة اسمه لم ينزل من السيارة مطلقا ....
قال لي ذلك البدين أنني سأساعدهم لاستخراج كنزهم ثم سيأخذونني إلى والدي ...
الآن حلت القضية ، تلك الرموز التي رسمت على وجهها أصبح لها تفسير لقد استخدموا جسدها المسكينة لاستخراج الكنوز ، زاد نحيبها و تعالت شهقاتها لأشدها إلي أكثر مرتبا أحداث الجريمة ، ما شد انتباهي ذلك الإسم ", حمدي ", أين سمعته يا ترى متأكد أنني صادفت ذلك الإسم فيما مضى ، هين يا حمدي لا تقلق سأتذكرك يا هذا أقسم لك ستدفع ثمن فعلتك غاليا هذه المرة ....
طلع الفجر و هو لا يزال جالس على كرسيه غارقا في تفكيره باحثا بين طيات ذاكرته عن ذلك المدعو حمدي ، لم يكن قد انتبه للوقت إلا عندما شعر بلسعة في يده و كأن سيجارته تنبهه إلى موعد عمله بالمخفر ....
قام باطفائها و هم بجمع أوراقه المتناثرة على مكتبه ليلوح ذلك الإسم أمامه ، كان متئكدا أنه يعرف ذلك الإسم ، كان متهما بسرقة محلات الذهب و الفضة ....
لملم أوراقه قاصدا مخفر الشرطة عازما على إغلاق قضية ميسم قبل طلوع شمس الغد ، كانت قد أخبرته بالأمس عن إسمها و عن أسماء والديها مما سهل بحثه ....
كان يقف بجوار والديها إلى قبرها ، لقد تمكن من إيجاد الفاعلين الذين حكم عليهم بالإعدام لارتكابهم جريمة القتل تلك ، استعان بوالديها للبحث في القضية لم يكن ليفصح عما حدث معه و ما كان ليصدقه أحد أساسا ، كان المجرمين قد اعترفوا بكل شيء مفصحين عن مكان الجريمة الذي كان معلوم بالنسبة للمحقق.....
كانت تبتسم مودعة إياه بيدها ، لم يعد ثوبها ملطخا بالدماء ، كان شديد البياض و كأنه صنع من نور ، كان وجهها يضيء بخفوت و كأنه ألماس يتلألأ ، تداعب خسلات شعرها نسمات عبيرها اشعرني بالخمول ، كان كيانها يتلاشى شيئا فشيئا إلى أن غابت تماما عن ناظري لأدنو من قبرها مقبلا حجره بهدوء لترقد روحك بسلام صغيرتي ....