وصف الكتاب
الذين عرفوا محمد علي البدوي سيدركون أنه لم يكن من زماننا، وأنه كان رجلاً ذا همة عالية كأنه في سباق مع الحياة أو سباق مع الموت!.. فهو شخصية قلقة يخشى أن يتوقف عن الإنتاج، يضرب في كل فن وفي كل لون من الثقافة، يكتب للأطفال، ويكتب الدراسة النقدية، ويكتب القصة القصيرة، يتابع المنتديات الثقافية بدأب وشغف.. ما أن تلقاه حتى يسألك عن الجديد، وعن آخر ما قرأت وعما تخطط، وعن مشاريعك القادمة.. كل ذلك في لهجة تزينها شهامة البدواة وضحكة صافة من قلب فنان.
كان أول لقاء جمعني به في شتاء عام 2000م بمكتب رابطة الأدب الإسلامي العالمية بالرياض.. حين دخلت المكتب وجدت شابا أسمر، ذا ملامح ودودة مألوفة.. سلمت عليه تعارفنا وتعانقنا.. وتبادلنا أخبار المسرح.. كان شغوفاً بالحديث عن المسرح وعن الثقافة بلا ملل.. وبعدما عاد إلى قريته بجنوب المملكة العربية السعودية كانت المهاتفات بيننا لا تنقطع.. وكلما سنحت الفرصة وزار الرياض تلاقينا وتحدثنا عن المسرح والثقافة وهمومها.
ولد محمد علي سندة البدوي في وادي حلي وفي حاضرته – قرية الصفة – بالمملكة العربية السعودية عام1971م، تلقى تعليمه وتخرج في كلية اللغة العربية بمدينة أبها عام 1998م. كان محمد يحلم بأن يكون ممثلاً مسرحياً، لكنه سرعان ما اكتشف أن الكتابة المسرحية تعطيه ما يشتهيه من تمثيل وإخراج وديكور وكافة تلوينات المسرح البديعة، فاتجه إلى كتابة النص المسرحي، فكان يكتب نصوصاً من مسرحيات الفصل الواحد، أهم ما يميزها خفة الظل والجمل القصيرة الشهية وهذه ميزة وسر من أسرار مسرحيات محمد على البدوي.
ومثلما كان موهوباً ومبدعاً في الثقافة والفن المسرحي، أُعطي موهبة وذكاء اجتماعياً نادراً قلما تجده في المثقفين أو الكتاب الذين ينكفئون على أنفسهم في الغالب ولا تُعرف عوالمهم إلا من آثارهم أو كتابتهم.. أما محمد فقد كان مغناطيس علاقات اجتماعية.. يتعرف بسرعة ويبنى معك علاقة في وقت قياسي، ولعل موضعه في أسرته كان من العوامل التي غذت هذا الاتجاه في شخصيته، فقد كان أكبر أشقائه وقام عليهم بعد وفاة والده رحمه الله وهو في الدراسة الجامعية، فزوج أكثر إخوانه، وكان يسعى في حاجات الناس يصالح المتخاصمين ويفض الاشتباكات العائلية التي تحتاج إلى خبرة ودرية غير عادية.
وكان من أهم مميزات محمد البدوي ـ رحمه الله ـ إيمانه العميق بوطنه ودينه وحضارة الإسلام التي كان يعتقد أنها قادرة على انتشال العالم مما يعانيه من ويلات، وأنها وحدها القادرة على إهداء العالم السكينة والرحمة.. كان ذلك يتجلى في مقالاته وفي مسرحياته، فتناول القضايا الإسلامية التي الكبرى تهم المسلمين كقضية فلسطين والعراق، وتناول الظواهر الاجتماعية الغريبة على وطنه السعودي بمسرحيات من نوعية ",حكاية السيدة نون", وتناول العالم وما يعانيه من قلق واضطراب في مسرحيات ",الحضارة السوداء", و",الكوكب الأحمر", وغيرها، بل وقدم للناشئة ـ على هيئة قوالب ـ مسرحيات سير عظماء الأمة القدماء والمعاصرين كسيرة الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله.