وصف الكتاب
...وكانت مشاهد ",وداع", تلك الحيوانات من قبل أصحابها المغادرين مؤثرة وحزينة للغاية، فقد ذرفت خلالها الدموع الحراقة، وطال العناق وكثرت الآهات والتأوهات! في الوقت الذي كانت فيه القنابل المدمرة تتساقط وتمحو المساكن والسكان، وتزيل قرى وبلدات من ",الجغرافيا", وتلحقها بـ",التاريخ",، وتنسف الجسور والمعابر وتمزق أجساد الأطفال من دون صدور أي قرار دولي ",يمنع",، أو ",إقليمي ",يردع",، أو أذن عربية ",تسمع",! وبعد ثلاثة أيام من التأمين والاطمئنان على الكلاب وبقية الحيوانات، ازداد القصف عنفاً وشراسة، وضربت كل البنى التحتية، وتقطعت أوصال البلد، وبلغ العدوان الهمجي أقصى مداه، بحقدٍ قلّ مثيله، وانحسار عربي لا مثيل له!
وظهرت عشرات الصور لأطفال إسرائيليين، طلب منهم أن يكتبوا على القذائف الضخمة عبارات باللغة الإنكليزية واللغة العبرية، لتكون بمثابة رسائل ",موت", إلى أطفالنا. وصلت الرسائل بكثافة، إلى بلدة ",مروحين", الجنوبية، ومدينة صور وبلدة الدوير... وإلى البقاع وإلى... و... و... وكان هذا البريد المدمر هو الأسرع في العالم الحديث، مع إشعار بتسليم ",الروح", إلى باريها!!
بعد ذلك طلعت علينا زوجة أحد الجنديين الإسرائيليين اللذين أسرتهما المقاومة، تناشد ",حزب الله", أن يعيد زوجها إلى مكانه الطبيعي وإلى منزله وزوجته وكلبه! ",هكذا حرفياً",.
وأخيراً، تفتق ذهن الغرب ومن معه من ",المتفتقين", العرب، على السعي لفتح ممر إنساني -بحري، لإدخال الهبات الغذائية إلى لبنان المحاصر بالنار والحقد والدمار. أعتقد، أن هذا الممر سيكون مخصصاً -فقط- لإيصال المواد الغذائية إلى الحيوانات، التي تركها الغيارى المغادرون!
أيها القارئ العزيز، إن أخشى ما أخشاه، هو أن ينتشر ويعن ويترسخ النهج الجديد وعنوانه: عو... عو... يا عرب!!
لم يقدر لغازي قهوجي، أن يعيش حتى احتفالية صعود عشبة خضراء في تراب هذه الأمة. إنها أمة الحسرات، والمراثي، واللعنات، والخوازيق، واللاملامح البشرية، والحشاشين الذين يستحضرون في زارهم روح صلاح الدين، ومجدلية الأندلس، وصدأ سيوف أمية، ورميم بني العباس. هي أمة الأفقية، وأوسمة التخلف، وبراءات النفاق، ومعلقات الهزائم، وأسواق العهر الطائفي، والذهاب إلى نوم المساطيل، والاسترخاء الشللي، والكسل المحتضر، والبلادة المعممة، وأركلة السعال الديكي، ورائحة الفم الطحلبية، والبراعة في جعل اليد يد متسول أو لص.
جوزف حرب أقرأ أقل