وصف الكتاب
في هذه الرواية للروائي الأردني، يسير الحلم والأمل جنباً إلى جنب، ليتصديا لواقع يصعب قبوله وحقيقة تصعب مواجهتها، فينعكس ذلك على بنية النص والأسلوب، ليتداخل السرد الواقعي مع الخيال الخصب المشّوق ومع الرمز والأسطورة. ما بين الحقيقة والوهم، يعيد الكاتب خلط الأوراق الجاهزة للمقاييس والمفاهيم، ليعيد تشكيلها في رؤية مختلفة، تسمح بإعادة التفكير في معاني وفحوى الكلمات التي يختلط تعريفها، فما هي الإعاقة الجسدية وما تعني البطولة أو الإقدام؟ وأين تقع الحدود الفاصلة بين الواقع والمتخيل؟
",وأين يمكن لخمسة ناقصين أن يلتقوا في غير هذا المكان!", الذي هو مؤسسة الهلال لذوي الاحتياجات الخاصة. فـ",الخارقون الخمسة", هم خمسة معاقون:
",فصيح", الأخرس الذي يروي القصة، والذي صنع عالمه من ",قاعة ملكية هائلة",، يرى فيها ",ملايين الخطباء والمتحدثين",، يخطبون أمام الناس",، وقد جاء إلى المؤسسة كما قال: ",لأنني بحاجة إلى رعاية خاصة، ولأنني أيضاً أحب القراءة والكتب، والتي من الصعب على عائلتي متوسطة الحال توفيرها..",. و",صقر", الذي ولد أعمى، يعيش في",عالمه المكّون من أصوات، وروائح..",. و",فهد", الكسيح الذي لا يعرف سبب إصابته، خلق عالماً ",فريداً من نوعه، فهو شبيه ببلاد الأساطير، وهو يعيش فيها وسط رقعة ترابية مساحتها متر مربع واحد",. و",قاسم", الذي ولد أصم، ",عالمه غريب وخاص إلى أبعد الحدود، فهو يقع فوق السحاب..",. و",جميلة", المصابة بمرض جلدي نادر، ",يجعل جلدها مرقطاً ببقع من اللون البني المحروق والرمادي الداكن وحتى الأسود في بعض الأماكن",، والتي تعيش في ",محمية طبيعية", من صنع خيالها، والتي تقول للجميع عن معرفة: ",ليس مهماً كيف وصلنا إلى هنا، المهم أننا هنا فعلا، وكل ما عدا ذلك ماكياج ثقيل ومصطنع",.
يخبر الكاتب قصة بناء مدرسة الهلال من قِبَل رجل ",كان أغنى من في المدينة، حتى لقّب بالشهبندر الكبير..",، و",كان له خمسة أبناء مرضى",. وقع في غيبوبة ليفيق منها، على ضرورة ",تعليم أبنائه كيف يتجاوزون مرضهم، ويقهرون إعاقتهم..",، وعملوا جميعهم في التجارة كلٌ بحسب مهارته. من بعدها شيّد الأب مدرسته ليساعد الآخرين أيضاً.
لكن ما الهدف من المسابقة التي قامت بها المدرسة والتي تقضي بأن يدفع كل من يريد الاشتراك فيها مبلغاً معيناً، تسمح له بالتجوال في المدرسة للبحث عن الجوهرة، ومن يجدها يكون هو الفائز؟ هل الجوهرة حقيقية أم وهم؟ أم أنها تعبير مجازي عن ما هو أكثر أهمية من الجوهرة الحقيقية، خاصة في ظل خطر الجفاف الذي يهدد المدينة؟ ومن هو ",الثقيل", الذي ",عمل طوال السنين شيئاً فشيئاً، ببطء وقوة للسيطرة على المدرسة؟ وهل سيسمح الخارقون له بالنجاح؟ ما هي المغامرة التي سيقومون بها؟ وهل الأمر منوط بهم، ",فهم الأبطال الحقيقيون الذين يؤمنون بأنفسهم، وبأن قوتهم أو ضعفهم من داخلهم..",؟ وفي النهاية هل المغامرة برمتها حصلت فعلاً أم أنها من صنع الخيال؟
ما هو مؤكد أنهم ",قد بدءوا عصراً جديداً! عصراً من الحرية، عصراً من الانتصار على العبودية للظروف أو الأوجاع أو شماتة الحاقدين!",، لم يكن المارد الذي حاربوه غولا آكلاً للنور والضياء، كلا! بل كان الإنسان المستسلم الموجود في كل واحد فينا..",، ",لم يكن الهلال الذي أطلقوه، لم يكن البدر الذي أضاءوه سوى الأمل",...", هذا كل ما يحتاجونه: الأمل!..",
نحن: الخارقون الخمسة، أشخاص عاديون، بل أقل من عاديين، بكل ما في كلمة أقل من معنى. وإذا ما تعلق الأمر بكلمة: خرق، التي اشتقت منها كلمة الخارقون، فإن الوصف الأقرب للواقع هو: المخروقون!
فنحن نقول: خرق الثوب، بنطال مخروق، إذا أصيب بنقص في نسيجه أو قماشه أورثه ثغرة واسعة للتهوية!
وبناء على ذلك، فنحن المخروقون الخمسة، الناقصون الخمسة! لأن في كل واحد منها نقصاً في خلقته وتكوينه. ولكن أمراً ما، ظرفاً مجهولاً، مصيراً مقدراً، قادنا إلى ما سنصبح عليه. فأنت لا يمكنك الهرب من مصيرك، بإمكانك أن تتحايل، أن تسير في طرق ملتوية ومتعرجة، قد تلعب الغميضة، وتختبئ وراء أعذار واهية أو مقنعة، كقولك أنك بذلت قصارى جهدي، أو لعنة قديمة تلاحقك، أو أنك تنتظر اليوم الذي سيشرق فيه فجرك الجديد!
ولكنك في النهاية ستواجه ذلك المصير، وستكونه، وإن الأمر ليس سوى مسألة وقت.
لقد جمعتنا عاهاتنا في ذلك المكان: مؤسسة الهلال لذوي الاحتياجات الخاصة، وأين يمكن لخمسة ناقصين أن يلتقوا في غير هذا المكان!