وصف الكتاب
بالرغم من أن العديد من الدول العربية، وخاصة البترولية منها، والتي تتمتع بموارد مالية هائلة قد حققت قفزات كبيرة على صعيد التنمية الاقتصادية إلا أن التنمية العربية الشاملة بقيت منقوصة بل غائبة، ويدل على ذلك حالة التردي التي يعيشها الإنسان العربي واستمرار التفتت والتشرذم في العالم العربي والتخلف الحاصل والذي يدفع بالعرب إلى هوة سحيقة قد تجعل منهم، حسب قول أحد الاقتصاديين، اكثر الشعوب البسيطة تخلفاً في مطلع القرن الحادي والعشرين، لذا فالغاية من هذا الكتاب هي دراسة الاقتصاديات العربية وتحليل ظاهرة التخلف الاقتصادي وتبيان الأسباب وراء بقاء المجتمعات العربية في حالة الركود هذه ومن ثم اقتراح بعض الحلول الضرورية للخروج من الأزمة.
على هذا الأساس جعل الباحث كتابه في قسمين وفصل تمهيدي، القسم الأول يبحث في الاقتصاديات العربية من ناحية الخصائص والبنية القطاعية ويتضمن ثلاثة فصول. دوّن في الفصل التمهيدي عرضاً لنشأة التخلف ومفهومه من أجل دراسة جذور التخلف في البلاد العربية مع التطرق إلى الخصائص البنيوية، الاقتصادية، والاجتماعية. في الفصل الأول بحث في أهمية القطاع الزراعي والإنتاج الزراعي العربي في إشباع الحاجات للشعوب العربية، كما تطرق إلى أهمية الموارد البشرية والزراعية في العالم العربي، والمشاكل التي تواجه القطاع الزراعي في سيره إلى الأفضل. وفي الفصل الثاني تحدث عن القطاع الصناعي الذي هو محور التنمية العربية من خلال بنيته وأهميته في تطوير الهياكل الاقتصادية العربية مع التطرق إلى مشكلات التصنيع وأنماطه من أجل اختيار النمط الملائم لتطوير الصناعة العربية...
أما الفصل الثالث فقد تحدث فيه عن الزيادة السكانية وأثرها على الأمن الغذائي العربي وعن العمالة العربية، وبحث في أهمية الغذاء في بناء المواطن العربي الصحيح. أما القسم الثاني من هذه الدراسة فإنه يشتمل على الطروحات التنموية للنهوض بالاقتصاديات العربية. في الفصل الأول عالج مفاهيم التنمية الاقتصادية ومستلزمات التنمية العربية وما تتطلب من استراتيجية تنموية تهدف إلى النهوض بالمجتمعات العربية وإشباع الحاجات الأساسية للمواطنين، كما وأنه عرض للعادات النفطية وأهميتها على صعيد التنمية القطرية والقومية في الدول النفطية والدول العربية الأخرى. وفي الفصل الثاني بحث في التكامل العربي والأسس الاقتصادية للوحدة العربية حيث عرض للتعاون العربي وإشكاله منذ بداية هذا التعاون.
كما وتقدم الدراسة تحليلاً لأزمة التكامل العربي ولمشكلة الوحدة من أجل الوصول إلى الحلول المتمثلة بتفعيل وقيام السوق العربية المشتركة ووضعها موضع التنفيذ. هذا وختم الباحث دراسته بفصل ثالث يتضمن بعض البدائل للخروج من الأزمة التي تعاني منها اقتصاديات الدول العربية.
تمر الاقتصاديات العربية بمرحلة جديدة من أخطر مراحل تطورها الحديث على الإطلاق. فبعد مرور عقدين من الزمن على الطفرة النفطية التي عاشتها المنطقة العربية والتي كان من نتائجها حصول تطور كبير في البنى الاجتماعية والاقتصادية في معظم الدول العربية، وخاصة النفطية منها، حصلت قفزة نوعية في التطور فضلاً عن التحسن الكبير في البنية التحتية والخدمات الاجتماعية بمختلف أنواعها، إلا أن الدول العربية لا تزال تعتبر من البلدان النامية ",المتخلفة", والتي هي بحاجة إلى استغلال مواردها بشكل صحيح وتحقيق قدر أكبر من الإنتاجية الاقتصادية في سبيل نهضة تنموية شاملة تقضي على التخلف بكل أشكاله.
أما الخطر الأكبر الذي يحدق بالاقتصاديات العربية وفي المنطقة العربية ككل يكمن في المشاريع التي تُعد للمنطقة في إطار عملية السلام العربية-الإسرائيلية برعاية أميركية. هذه المشاريع التي تعمل على إنهاء الصراع السياسي والعسكري تهدف إلى تعاون اقتصادي محوره إسرائيل وتوزيع ثروات المنطقة على دولها.
ولا ريب أن من بين الأخطار التي تحملها هذه المشاريع إنطواءها على محاولات ضرب للنظام الإقليمي العربي وإحلال النظام الشرق أوسطي الجديد محله مع إدماج إسرائيلي في المنطقة كرأس حربة لمشروع أميركي يهدف لنهب موارد العرب وخيراتهم من جديد. أقرأ أقل