وصف الكتاب
مصر مقبلة على مرحلة جديدة من مراحل تطورها الاقتصادي. فنحن نشهد اليوم تحولا واضحاً من نظام اقتصادي اشتراكي يعتمد على سيطرة القطاع العام وعلى التخطيط المركزي إلى نظام اقتصادي حر يعتمد على اقتصاد السوق وعلى القطاع الخاص. حقاً إن هذا التحول الكبير في المفهوم وفي السياسات لا يزال في بدايته، وحقاً كذلك أنه يسير ببطء نسبي بالمقارنة بما يجري حولنا في العالم الخارجي، إلا أنني مع ذلك لا يساورني أي شك في أن هذا التحول سوف تتسارع خطواته باعتبار أن هذا هو المخرج الوحيد من أزمتنا الاقتصادية الطاحنة التي هي نتاج تراكمات أربعة عقود كاملة.
وليس الهدف من هذه الدراسة الدخول في كل التفصيلات المتعلقة بأركان نظام اقتصاد السوق، وإنما مجرد التنبيه إلى أنه عند التحول إلى نظام اقتصاد السوق يجب أن نعلم أن هناك أركاناً أساسية لهذا النظام لابد من استيفائها حتى يكون التحول إليه تحولاً ناجحا ومحققاً للأغراض المرجوة منه.
وفي اعتقادي أنه من بين هذه الأركان الأساسية موضوع حماية المستهلكين في نظام اقتصاد السوق. إذ يجب أن تتوفر في أي مجتمع منظم قواعد وأطر تحمي حقوق أطراف كل تعامل يتم في ذلك المجتمع. ولعل نقطة البداية هي أن نحاول تعريف ما نقصده بلفظة ",المستهلكين",. إن المستهلكين الذين نقصدهم يجب أن يكون تعريفهم لأغراض موضوع هذه الدراسة على أوسع ما تحتمله هذه الكلمة من معاني. فهم أولئك الذين يستخدمون السلع المختلفة سواء للاستهلاك النهائي أو الوسيط وسواء كان ذلك يتعلق بسلع استهلاكية أو إستثمارية وكذلك سواء كان هذا الاستخدام عن طريق الشراء أو التأجير أو حتى بصورة مجانية. وهم يشملون أيضا أولئك الذين يستخدمون الخدمات المختلفة سواء بمقابل أو بغير مقابل وسواء كانت هذه الخدمات مقدمة من الحكومة بمختلف فروعها أو من قطاع الأعمال أو من المهنيين بفئاتهم المختلفة أو من أية جهات أخرى. أقرأ أقل