يعرض هذا الكتاب بالمناقشة والتحليل المتعمق والمستفيض للسياسة الخارجية، سواء ما تعلق منها بأصولها النظرية وأدواتها المنهجية، أو بجوانبها العملية والتطبيقية مع الاهتمام بتقديم النماذج والمواقف والحالات، التي تحاول أن تبرز ما قد يكون بين هذين الجانبين: جانب الأصول النظرية وجانب الممارسات العملية، من أوجه التوافق أو التعارض.
ويعد هذا المدخل في العرض والتحليل مهمًا وضروريًا لأكثر من سبب، ومن ذلك أنه لا يمكن للنظرية أن تفصل نفسها عن ظروف الواقع العلمي ومعطياته، التي تضفي عليه خصائصه المميزة؛ فهذا الارتباط بينهما هو الأساس الذي تستمد منه شرعيتها ومصداقيتها وقبولها العام، كذلك فإنه لا يمكن للواقع أن ينعزل عن مثل هذا الإطار النظري بأفكاره وتوجهاته ومنهجيته وأدواته، وهي التي تضع كلها على طريق هذا الواقع العملي الكثير من العلامات الاسترشادية المهمة، والتي لا يمكن لصانعي السياسة الخارجية، أيًا كانت مواقفهم أو ظروف الواقع الذي يعملون تحت ضغوطه ومؤثراته، أن يسقطوها من اعتبارهم.
وعلى أية حالة، فقد تضمن الكتاب عددًا من الموضوعات الرئيسية التي توفر في مجملها إطارًا شاملًا ومتكاملًا لهذا المجال الحيوي من مجالات العلاقات الدولية، وهو يحاول بذلك أن يضيف عملًا جديدًا وإسهامًا بحثيًا مفيدًا على مستوى النظرية والممارسة إلى جملة الأدبيات السياسية العربية، المنشورة حول هذا الموضوع.