وصف الكتاب
إن هذا الكتاب جمهور المسرح يعد طرحاً مكملاً لذات موضوع كتاب موت المؤلف المسرحي الذي سبق ترجمته في جزأين، وكان قد اعتمد في منهجه على توجه ساد الحركة النقدية العالمية في الإحتفاء بالقارئ، والبحث عما يقرأ، أي على ",المعنى", الذي ينحصر في دور القارئ الإيجابي، بما يتوصل إليه من مقروء، لاغياً سلطة النص/ المؤلف عليه، فإن هذا الكتاب جمهور المسرح يتناول الدور الذي يلعبه جمهور المسرح، مستهدفاً التأكيد على الدور الإنتاجي الذي يضطلع به أي جمهور مسرحي، كما يحتفي الكتاب كذلك بمجموعة النظريات والممارسات التي أكدت وأشارت إلى مركزية دور المتفرج، وبخاصة المتفرج المنتج والمتحرر. صحيح أن كتابات رولان بارت ودراساته في احتفائه بدور القارئ المتحرر من سلطة المؤلف / النص، كانت فتحاً في عالم تلقي النص الأدبي، لكن كان قد سبق ", بارت", في هذا التوجه سلسلة من الحلقات، أنتجت العديد من المصطلحات التي تحاول تحديد وضبط عملية ", تأويل ", النص، ويعد ",الفهم",، أي ",فهم النص", أكثر المصطلحات التصاقاً بنظرية ",التأويل",. والاهتمام ",بالتأويل", وتجليات الفهم من خلال النص المثبت كتابة اهتمام قديم يؤرخ له بميلاد ",النص", وقد خرج من عباءة التأويلين أحد تلامذة جادامير وهو هانز روبير ياوس وهو من مؤسسي مدرسة كونستانس التي أرست أهم الاتجاهات النقدية الرئيسية الألمانية في دراسة الظاهرة الجمالية الأدبية، راح ياوس ينبه إلى أن الأدب والفن عامة كان تاريخاً للمؤلفين أو تاريخاً لأعمالهم بينما ظل الجمهور أو القارئ مشروعاً مهمشاً في هذا التاريخ في حين أن المتلقي هو من يعطي هذه الأعمال شكلاً محسوساً. ويعد ياوس صاحب مصطلح أفق التوقعات الذي استلهمه من نظرية جادامير التأويلية وأقام عليه أساس جمالية التلقي حيث أن العمل يشتمل في وقت واحد على النص بوصفه بنية معطاة، وعلى تلقيه أو على إدراكه إدراكاً حسياً يقوم به القارئ أو المشاهد. ومن هنا تأتي أهمية تأثير ياوس كتطور في حلقة نظرية التأويل وارتباطه بموضوع الكتاب الذي بين أيدينا من حيث هو دراسة للتلقي ويستهدف الدور الإنتاجي الذي يضطلع به الجمهور. وقد تزامن مع، وتعاقب على ياوس مجموعة كبيرة من أصحاب النظريات والآراء في دراسة نظرية التلقي أو استجابة القارئ، واهتمت مؤلفة هذا الكتاب برصد بعضهم، وعقدت المقارنات بينهم، مثل فولفانج إيزر ونورمان هولاند وستانلي فيش ورومان إينجاردن وجاك لينهارت ورولان بارت وغيرهم ووظفت توجهاتهم في إنجاز دراستها بوضعها تنظيراً يسعى إلى فحص أثر الجوانب الفنية على إدراك الجمهور، وفحص الكيفية التي تتشكل بها توقعات الجمهور إزاء الحدث المسرحي. وقد استطاعت في كتابها هذا أن تقدم شهادة على تحرر المتفرج الذي يتم بشكل مضطرد في وقتنا الحالي كما أبرزت التباين الذي يتسم به الفن الدرامي والممارسة المسرحية.