وصف الكتاب
المأساة التي تعيشها الجزائر منذ 12 سنة، كانت تفتقر إلى كتاب واضح وكامل، يروي، يُفسّر، يصحّح ويعيد مجمل الأحداث التي وقعت في هذا البلد إلى سياقها، وها هو الكتاب.
فهذا الكتاب يروي رواية دين استخدمه أنبياء جدد، جهلة ومجرمون تجاوزوا كل رعب يعتبرونه فاسقاً. فمنذ قيام الجبهة الإسلامية للإنقاذ، تكاثرت الاعتداءات على الجمعيات النسائية، وهذا الاختلاط في المدارس وحالات المسرح، وضد الداعرات واللواطيين وتعاطي المشروبات الروحية، وتلاها اغتيال صحافيين وأجانب مثقفين وفنانين.
سنة 1997 بلغ العنف والاغتيال الجماعي ذروتيهما. إذ انفلت الإرهاب الإسلاموي من عقاله، مقدماً للعالم أحد أخطر تجلياته القائلة، المذهلة فقد سعى الطالبان الجزائريون إلى بذر الشكوك حول المرتكبين الحقيقيين لهذه المجازر، وإلى تقديم أنفسهم كضحايا: الجدير ذكره، يوم إعلان الدستور الذي ينصّ على التعددية (1989/2/23)، أن القائد الإسلامي علي بلحاج قال في مقابلة معه، ما يلي: ",التعددية مرفوضة نظراً لصدورها عن رؤية غريبة... وليس هنالك ديمقراطية، لأن الله هو المصدر الوحيد للحكم. كما جاء في القرآن، وليس الشعب. فإذا صوت الشعب ضد شريعة الله، فما ذلك سوى كفر. وفي هذه الحالة، يجب قتل هؤلاء الكافرين، لأنهم يريدون إحلال حكمهم محل حكم الله",.
كان المسرح جاهزاً. فسقط منه ألف ضحية، من النساء ومن الأطفال المذبوحين غالباً... كما أن هذا الكتاب مناسبة للتذكير بتاريخ هذا البلد، الذي انتقل من 9 ملايين نسمة سنة 1962 إلى أكثر من 30 مليوناً اليوم، منهم 70% دون الخامسة والعشرين، ولا يضم الجيش منهم سوى 120000 شخص فقط، فهو مكوّن أساساً من متطوعين.
إن هذا الكتاب النقدي والموضوعي، لا يرمي إلى تعذيب الجزائر، بل يرمي إلى التذكير بالوقائع وإسكات الشائعات الكاذبة. أخيراً، لئن شاعت في أوروبا عادة انتقاد الجزائر، فمع ذلك لا بدّ أن نستذكر، من هذا الجانب للبحر المتوسط، أن فرنسا بوسائلها الخارقة لم تتمكن من تسوية مشكلتها الكورسيكية، وأن إسبانيا لا تزال ضحية عمليات إرهابية لا تحصى. حتى عندما منحت الباسكيين حكماً ذاتياً تاماً. وأن على بريطانيا العظمى أن تحسب حسابه لجيش التحرير الإيرلندي الذي كان هاجسها الأكبر لأمد طويل.