أثبتت الخبرة الطويلة وواقع التجربة العملية أن التسويق كان في كثير من الأحيان السبب الرئيسي وراء كثير من حالات النجاح الذي حظيت به مؤسسات أعمال معينة، كما كان في الوقت نفسه سبباً لحالات فشل ذريع منيت به مؤسسات أخرى. وإذا كانت المعلومات هي إحدى المدخلات الاستراتيجية في عملية صنع القرار التسويقي، فإن توفيرها لصانع هذا القرار بالجودة العالية يعتبر مطلباً أساسياً لتفعيل هذه العملية ومدها بالآليات اللازمة لذلك. وضمن هذا السياق، تعتبر بحوث التسويق هي الأداة التي يمكن من خلالها تحقيق ذلك وتوفير القاعدة المعلوماتية التي تحتاج إليها عملية إدارة النشاط التسويقي بكفاية عالية. والحقيقة، أن هناك مدرستي فكر رئيسيتين حول التعلم. الأولى، ترتكز على مقولة أنه لا إنجاز بدون جهد ومعاناة، في حين ترى المدرسة الثانية أن النشاط إذا كان ممتعاً فإنه سيولد قوة الحفز الكافية للاستمرار في تأديته، وهو ما يقود بالتالي إلى تحقيق الإنجاز. وعند تأليف هذا الكتاب حرص المؤلف على أن يكون من أنصار المدرسة الثانية حيث استهدف من خلال رزمة الموضوعات المقدمة تعظيم إمكانيات التعلم بأدنى مستوى من المعاناة والإجهاد الفكري. فقد جاءت اللغة بسيطة وسلسة، كما أثرت التمارين العملية والحالات التطبيقية المادة العلمية وجعلتها أكثر متعة. وقد لوحظ أن معظم كتب بحوث التسويق المتوفرة في المكتبة العربية ركز على تزويد القارئ بخلفية مناسبة عن أهم قضايا البحث التسويقي وألقت على المحاضر مسؤولية توضيح الكيفية التي تتم بها عملية البحث نفسها، الأمر الذي حاولنا أن نتجاوزه في هذا الكتاب من خلال إعطاء الكثير من التمارين والأمثلة التوضيحية والأطر الإرشادية التي من شأنها أن تجعل مهمة كل من القارئ والمحاضر ميسرة. وبهذا نكون قد وفرنا لهذا الكتاب مجموعة من الميزات أبرزها: أن مجال الاستفادة منه يتعدى حدود المحاضرة الصفيّة. أنه يوفر للقارئ قدرة أكبر على تحقيق مستوى أعمق من الفهم للموضوعات التسويقية النظرية من خلال ما ينطوي عليه من مضامين تطبيقية، وأخيراً. أن الكتاب احتوى على كثير من وسائل الإيضاح التي توفر للمحاضر إمكانيات إدارة المناقشة الصفية بدرجة أعلى من الكفاية. إن المادة العلمية التي يتضمنها هذا العمل ترتقي إلى المستوى الذي يفي باحتياجات كل من القارئ والطالب والباحث في مختلف المستويات، كما أنه يوفر لمديري التسويق والمبيعات إطاراً مفاهيمياً وإجرائياً يرفد جهودهم، ويدعم إمكانيات التحري الصادق والتشخيص الواثق لكل ما يواجههم من مشكلات وتحديات. من هذا المنظور الاستراتيجي الهام تم تأليف هذا الكتاب ليكون أحد الروافد الأساسية لعملية البحث التسويقي العلمي بالإضافة إلى ما يوفره لهذه العملية من أساليب وأدوات التحليل التي تساعد في تعميق الرؤية التسويقية وترشيد القرار التسويقي. وقد تضمنت مادة هذا الكتاب مدى واسعاً ومتنوعاً من الموضوعات المتعلقة ببحوث التسويق، بدءاً بالتعريف بماهيتها، إلى صياغة السؤال البحثي، حتى إعداد التقرير النهائي حول النتائج والتوصيات. كذلك احتوى هذا الكتاب على دراسة وتحليل عميقين للأنواع المختلفة لبحوث التسويق والمنهجية العلمية وأساليب البحث العلمي. كما تطرق الكتاب إلى موضوع القياس في بحوث التسويق وأدوات التحليل الإحصائي البسيطة والمتقدمة، بالإضافة إلى الأمثلة والحالات التوضيحية.