وصف الكتاب
على مدى عصور طويلة كانت الجغرافية علم وصفي بلداني يصف البلدان والشعوب ويدرس العادات والتقاليد ويصنف المظاهر الطبيعية ويحاول إيجاد التفسيرات العلمية لتباينها وبالتالي صنف هذا العلم على أنه علم الظاهرات المكانية المتباينة ومع تطور العلوم وتشابكها تطور علم الجغرافية وارتبط معها بروابط وثيقة أعطت للعلم تنوعاً وقوة وجلبت له أيضاً إنتقادات جارحة وصلت إلى حد التشكيك بالعلم نفسه حيث وصفه البعض بأنه علم لقيط لأخذه من العلوم الأخرى وتداخله معها إلى حد التطابق متناسين أن العلوم المعرفية جميعها ذات منشأ واحد ولم يكن أمام الجغرافيون إلى أن يسارعوا للدفاع عن عملهم ويواجهوا المنتقدين من خلال العمل الجاد والنقاش العلمي الهادف إلى أن أثمرت جهود علماء الجغرافيا ومفكريها بإختلاف مدراسهم الفكرية عن تبلور علم الجغرافية بهيئته الحالية ذلك العلم المتكامل مع العلوم الأخرى المكمل لها والمكتمل بها وكان من نتائج تداخل علم الجغرافية بعلم السياسة أن نشأ فرع الجغرافية السياسية الذي اهتم بدراسة تأثير جغرافية الدولة وطبيعتها وظروفها على السياسة الدولية، وفي هذا المجال ظهر العديد من الأشخاص الذين اهتموا بهذا العلم أمثال ",راتزل الألماني", الذي اهتم بالمجال الحيوي للدولة، والبريطاني ",ماكندر", الذي تحدث عن منطقة قلب العالم (روسيا) والذي قال بأن من يحكم ويسيطر على هذه المنطقة فإنه سوف يسيطر على قلب العالم، والأمريكي ",ماهان", الذي اهتم بالقوة البحرية.
فالجغرافية تعتبر من العوامل التقليدية التي يكون له التأثير في العلاقات الدولية، كما أن الكثير من المهتمين والدارسين في العلاقات الدولية يقولون بأن العلاقة بين السياسة والجغرافية هي علاقة وثيقة، حيث، وعليه فإن دراسة علم الجغرافيا ومدى تأثيره على العلاقات الدولية يستوجب دراسة موقع الدولة ونوعيته وموقعها إتجاه الدول المجاورة، وهذا يعني دراسة الموقع الفلكي للدولة خطوط العرض والطول، وكذلك نوعية الموقع أي موقع الدولة بالنسبة للماء واليابسة ",الموقع البري والبحري", حيث أن الموقع يشجع على النشاط البري والبحري التجاري، فإن الموقع الجغرافي الممتاز لأي دولة يشجع التطور والنمو التجاري والسياحي فيها كما أن للمساحة دور مهم في إمتلاك الدولة للقوة، فإن كانت هذه المساحة كبيرة سوف تنتشر في الدولة المناطق الإقتصادية، وحتى أن تمتلك الدولة القوة يجب أن تتناسب المساحة مع عدد السكان ومع وفرة الموارد الطبيعية وأن يتم إستغلال هذه الموارد بشكل جيد فالجغرافية الطبيعية: تحدد ",شكل الأرض وطبيعتها للبلد", وتدرس تضاريسها من الجبال والهضاب، والصحارى، كذلك تدرس المناطق الزراعية، وطبيعة السواحل وطولها.
إن النظرة الجغرافية للعلاقات الدولية المعاصرة هي نظرة متفردة تشترك مع علم السياسة في المفردات وتختلف عنه في التفسيرات.