وصف الكتاب
",الدولة الإسلامية من منظور مسيحي", كتابٌ يضم دراسة لكتاب الأزاهير لأمين ظاهر خير الله صليبا، ينحدر أمين خير الله من عائلة عرفت في مجالي التربية والأدب فأبوه ظاهر الباس خير الله صليبا كان لغوياً مدققاً تجاوزت كتبه الأربعين مؤلفاً.
وابنه أمين، مؤلف كتاب الأزاهير الذي هو موضوع الدراسة في هذا الكتاب هو مؤلف موسوعي وشاعر كتب في اللغة والمسرح والقصة وفي التاريخ والدين وتاريخ الفن والتراجم والفلسفة والمجتمع، وانصرف سحابة عمره للتأليف والبحوث اللغوية والدينية، فكتب شعراً ومسرحيات وأبحاثاً.
.... >, وإذا كانت مؤلفات أبيه تدور حول محاور ثلاثة: 1-الكتب الدينية لا سيما تلك ناظر البروتستانت فيها، 2-كتب الحساب والرياضيات، 3-الأبحاث اللغوية؛ فإن ",أمين", قد فاق أباه في عدد مؤلفاته، كما في مواضيع هذه المؤلفات؛ فبالإضافة إلى البحوث اللغوية، والكتابات الدينية؛ وهي مجالات تطرق إليها والده، فقد كتب عدداً من المسرحيات والتمثيليات، ودواوين الشعر.
وله أيضاً مؤلفات فكرية تنحو نحواً فلسفياً مثل كتاب الأزاهير المضمومة الذي هو محور الدراسة في هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ، ودروس الحياة الإنسانية في مدرسة الله النباتية؛ وقد ولد ",أمين", في الشوير سنة 1880، وتوفي عام 1948 ولم ينجب أي ولد.
وبالعودة، فإن كتاب الأزاهير المضمومة في الدين والحكومة هذا لا يمكن سبر أغواره وفهمه على حقيقته بمعزل عن الظروف التاريخية والسياسية التي دعمت الكاتب إلى وضع مؤلفه هذا: فهو بدايةً وختاماً ردٌّ على مواقف فكرية وسياسية طرحت في ذلك الزمن، غداة تأليف الأمير ",فيصل بن الشريف حسين", حكومته العربية في دمشق.
ومن الصفحة الأولى تتضح للقارئ هذه الفكرة، فقد افتتح المؤلف مصنَّفه برسالة إلى الشريف حسين، ملك الحجاز، وقائد الثورة العربية، والرسالة هذه جاءت بمثابة استئذان بتأليف الكتاب، وفيها يصف الأمين، وعلى طريقته، السجال الفكري المحترم في ذلك الوقت حول طابع الحكومة المزمع تشكيلها وهويتها فيقول: ",ثم أعرض بإحترام بين يديّ مولاي، أن الألسنة هنا (في القطر السوري) لاكت كلمته، هي أن الحكومة العربية ستكون على قاعدة لادينية، وذلك ما لا يصحّ إلخ...
فيتصدى أمين لهذا الرأي، ويعلن بطلانه ومطالبته ",بأن تكون الحكومة العربية حكومة إسلامية... إلخ ويُظهر نيته بوضع كتاب، يبسط فيه فكرته هذه ويشرحها، ويقدم لصاحب الجلالة فذلكة بأبحاث هذا الكتاب، طالباً منه أن يجيز له تأليفه ورسالته مؤرخة في دمشق 3 رمضان 1337هـ الموافق لــ 1919/6/2، أي في عز إنعقاد الصلح في فرساي بالقرب من باريس.
وكان هذا المؤتمر قد افتتح في 1919/1/18، وأعلنت فيه مواقف ومطالب جدّ متناقضة، بشأن الوضع في سوريا، ولبنان، وفلسطين وغيرها وأشكال الحكومة، أو الحكومات المقترحة فيها، كما سيلمس القارئ ذلك عند مضيه في قراءة هذا الكتاب.
وإلى هذا، فإن مشروع أمين صليبا ",إنشاء كتاب يبسط فيه فكرته عن الحكومة", يأتي حينها في وسط هذا الجدل المحترم حول الحكومة والمصير ما سيكون له الأثر البالغ على مستقبل المنطقة التي تشمل اليوم سورية ولبنان والأردن والعراق وفلسطين.
لقد أراد أمين صليبا أن يدلي بدلوه آنذاك في معمعة صراع الأفكار والمواقف هذا، لذا فموقفه ورأيه وكتابه بالتالي الذي يفصّل فيه كل ذلك لا يمكن أن يفهم، بمعزل عما كان يقابله، أو حتى يناقضه، من مواقف وأفكار أخرى، وبمعزل عن الأحداث التاريخية التي جرت في تلك الفترة، وخلفياتها وجذورها وكذلك نتائجها، والتي أدت في نهاية المطاف إلى ولادة الدول المتعددة المعروفة اليوم في تلك المنطقة.
وإلى هذا، فإن أبرز عنوان للأحداث التاريخية هذه في تلك الفترة هي القومية العربية التي تنامى بها شعور أبناء الولايات العثمانية في حينها ذلك قبل الحرب العالمية، واتخذ منحىً أكثر جدية خلال الحرب وبعدها؛ هذا ما سعى إليه د. لويس صليبا في سياق دراسته لكتاب أمين صليبا الأزاهير المضمومة.
وجاء ذلك في الباب الثاني منها حيث يجد القارئ في هذا الباب شيئاً من التوسع في عرض مواضيع وأحداث تاريخية وذلك بفرض وضع مصنف أمين صليبا وأفكاره وطروحاته في سياقها التاريخي، وكان د. لويس صليبا قد استهل كتابه هذا أو دراسته هذه ",الدولة الإسلامية من منظور مسيحي", في طبعته الثالثة بإيراد معلومات ومعطيات جديدة - لم تكن في الطبعتين السابقتين - عن سيرة الأمين وآثاره، متوسعاً في عرض آثارة ومؤلفاته ولا سيما مقالته العديدة في المجلات، متوقفاً عند بعض ميزاته ككاتب مثل حبّه للمناظرات في مختلف مجالات المعرفة ولا سيما اللغة والتاريخ وغزارة نتاجه الفكري الذي توزّع على أكثر مجلات عصره، وكذلك تم التوقف عن التباين في مواقفه السابقة واللاحقة من الأتراك العثمانيين وغير ذلك...
بالإضافة إلى ذلك أُعيد تنسيق الكتاب وإخراجه بطريقة معاصرة، مرفقاً بالعديد من الصور والخرائط التي تمت إلى مواضيعه بصلة مباشرة، والتي من شأنها أن تساعد في فهم مراميه.
يمثل الشعر العربي القديم مادة خصبة للدرس والبحث الأدبيين، إذ يغري كثيراً من الباحثين بدراسته، لما يجدون فيه من المتعة الفنية والفائدة العلمية، فيشعرون أنهم إزاء مادة تمدهم بجماليات متجددة، وعطاء مختلف.
تقوم هذه الدراسة بدراسة الحوار في الشعر العربي القديم عبر بوابة الشعر الهذلي كنموذج متفرد في ناصية البيان العربي، فهو تتبعنا الحوار القصصي في الشعر نرى العلاقات السردية تؤطر علاقتها به مع أبرز العناصر القصصية، ومن ثم تشكيل فنياً معه؛ لتؤسس أهمية حضوره عبر ذاكرة الشعر العربي القديم.
ونحن لم نقف هنا على نماذج شعرية كثيرة في الحوار الشعر، وإنما اكتفينا بما قدمته لنا كتب الشعر العربي من نماذج متنوعة تضمنت الحوار الشعري، وأغفلنا الكثير منا؛ لنستطيع التركيز على موضوع دراستنا في الشعر الهذلي؛ ومن ثم تنطلق من بعدها إلى تعميم فكرة حضور الحوار في الشعر العربي عبر دائرته القصصية...