حياة الإنسان رحلة قد تطول قليلاً وقد تقصر، وخلال هذه الرحلة ومنذ الطفولة تمر به أحداث ومواقف منها ما يبقى عالقاً في ذهنه ووجدانه، مؤثراً فيه أحياناً سلباً وأحياناً ايجاباً، لا يكاد ينفك يتذكرها بين الحين والحين الآخر، ومنها ما يمر به مرور الكرام لا يكاد يتذكر منها شيئاً.
وكما الأحداث والمواقف كذلك الأشخاص، بداية من الأبوين وانطلاقاً من كل إنسان كان له معه موقفاً أو حكاية أو ذكرى أو أملاً.
والأشخاص في حياة الإنسان ليس هم من قابلتهم ورأيتهم وسمعت لهم وعايشتهم، ولكن هم كل من مر بحياتك وأثر فيك سلباً أو ايجاباً، قد يكون كاتباً قرأت له كتاباً أو مقالاً، وقد يكون شيخاً أو إماماً سمعت له خطبة أو درساً، قد يكون معلماً حفر في ذاكرتك صورة له أو موقفاً لا تنساه، وقد يكون طبيباً أو لاعباً رياضياً أو فناناً أو سياسياً أو قائداً عسكرياً، وقد يكون وقد يكون، فالأشخاص يتعددون في حياة الإنسان بتعدد مراحل حياته.
وشخصية الواحد منا تنبني من خلال هؤلاء الأشخاص، ومدى تأثيرهم في حياة الإنسان، وهو ما نسميه بالقدوة، فقد يكون قدوة أحدنا لاعباً رياضياً وقد يكون معلماً وقد يكون شيخاً وقد يكون سياسياً، لهذا على المرء أن يُحسن في اختيار قدوته، واختيار أصدقائه ومحبيه لأن تأثيرهم فيه كبير وسريع.
وقد كان حظي مع الأشخاص متميزاً منذ الصبا، فقد فُرض عليّ أصدقائي فرضاً، دون أن يكون لي اختيار وإرادة في ذلك، كان أصحابي منذ طفولتي المتقدمة، والمتقدمة جداً وأنا دون الخامسة من عمري، طه حسين وعباس العقاد وأحمد حسن الزيات ومصطفى صادق الرافعي وعبد الحميد جودة السحار وسيد قطب ومحمد قطب وخالد محمد خالد، فلما كبرت ودخلت المرحلة الثانوية دخل أصدقاء جدد في حياتي نجيب محفوظ وثروت أباظة وإحسان عبد القدوس ويوسف إدريس وعبد الله باكثير ويوسف القرضاوي وأنور الجندي ومصطفى محمود وعبد الحليم محمود والشعراوي.
وكان للسياسيين مكان كبير في نفسي، عبد الناصر والقذافي وعبد الرحمن عارف وفيما بعد جورج حبش وميشيل عفلق وياسر عرفات، وغيرهم من مشاهير الفنانين والرياضيين وقراءً القرآن الكريم، فقد تعلقت روحي بالقارئ محمد رفعت ومحمود صديق المنشاوي وعبد الباسط عبد الصمد والطبلاوي ومصطفى إسماعيل.
كبرت وكبر احترام هؤلاء وغيرهم كثير في نفسي، من العائلة كنت متعلق بأعمامي أخوة أبي الحاج صبحي والحاج عبد المنعم والشيخ رجب وابن عم لوالدي زكي العطار رحمة الله عليهم جميعاً.
طبعا كان والدي الحاج محمد وأمي إنعام الحلبي محور حياتي، قدوة وتربية وخصوصاً أن والدي كان صاحب مكانة في العائلة، وكان شخصية محترمة ونضج عقلي وقدرة فائقة على تدبير الأمور، بخلاف ما كان يتميز به من علاقات طيبة واحترام من الناس.
حياتي فيها كثير جداً من الشخصيات يتجاوزوا المئات والآلاف من عرب وعجم ومسلمين وغير مسلمين، ولكن هذا الكتاب يتناول فقط الشخصيات التي كتبت عنها في كتبي أو على المواقع الالكترونية أو على صفحتي الشخصية.