وصف الكتاب
توزعت منهجية هذه الأطروحة على خمسة أبواب، الباب الأول: خصص للعلاقة الجدلية وفلسفة التاريخ ويتضمن ثلاثة فصول وكل فصل يتكون من عدد من المباحث: الفصل الأول: خصص الفصل الأول لدراسة العلاقة الجدلية بين السياسة الدولية وفلسفة التاريخ، وهو بمثابة مدخل للموضوع، ويتكون من أربعة مباحث، المبحث الأول يتناول العلاقة الجدلية بين الأحداث بالاستناد إلى العامل الزماني والمكاني، محاولاً فيه بيان كيفية وقوع الحدث وارتباط الأحداث ببعضها البعض من حيث الخلفية التاريخية، وتأثير النظرات المستقبلية عليه، والعمل على ازدياد إمكانية التنبؤ بالأحداث في المستقبل، من حيث هو غاية فلسفة التاريخ. أما المبحث الثاني، فتطرق إلى العقل الإنساني ودوره في صناعة الحدث، وفسرت فيه دور الفعل الإنساني بوصفه عاملاً مهماً وأساسياً في صناعة أي حدث ذي طابع إنساني، وفيه محاولة -وإن كانت بصورة ضمنية- الإجابة على غائية أو عدم غائية التاريخ. وبما أن الزمن لا يتوقف، وتوقف الزمن ليس للإنسان يد فيه، لذلك تستمر الأحداث ويسبب هذا الاستمرار شيخوخة بعض الأحداث وولادة أحداث جديدة. وينتج عن ذلك علاقة جدلية بين القديم والجديد، حيث يعمل الجديد على التخلص من القديم مع الاستفادة من الجوانب التي يتلاءم معها، وفي الوقت نفسه يحاول القديم إعاقة عمل الجديد، وخصص المبحث الثالث لهذه الجدلية: جدلية الجديد والقديم، متأثراً بالعامل الزماني والمكاني والطبيعة البشرية، وبالنتيجة تنشأ عن ذلك ما يسمى بروح العصر، أي تضفي هذه الجدلية طابعاً خاصاً لروح العصر وبواسطتها نتمكن من تمييز عصر من عصور آخرى أو مرحلة تاريخية معينة من المراحل التاريخية الأخرى. وروح العصر ليس بعيداً عن الجدل السياسي الذي يدور دائماً بين الجديد والقديم، والذي يستند بدوره إلى تاريخ الأفكار الذي يحتوي على ماضي الإنسان المنصهر بالعقل والفكر مع التلاصق بوجهة النظر البشرية للأحداث، فضلاً عن التخيلات التي يتخيلها العقل للمستقبل، ولذلك خصص المبحث الرابع لروح العصر والجدل السياسي.
الفصل الثاني: يتناول هذا الفصل المكونات الروحية والعقلية للحضارة. أي الجوانب المتعلقة بالفكر والعواطف الإنسانية، وضم خمسة مباحث: المبحث الأول يتناول دور الدين في الحضارة، لأنه كما هو واضح في فلسفة التاريخ فإن لكل دين جديد حضارة جديدة، ونوقشت فيه الآراء والأفكار التي طرحت حول هذا الموضوع.
وخصص المبحث الثاني في أهمية الفلسفة في نشوء وسقوط الحضارة. لأن لكل حضارة فلسفتها الخاصة التي يبنى عليها قيمها وتوجهاتها. فانهيار الفلسفة أو عدم استطاعتها مواكبة التطورات، تؤدي إلى انهيار الحضارة، لأن لكل مرحلة حضارية حاجات فلسفية معينة تختلف عن المراحل الأخرى. فالفلسفة تؤدي إلى نشوء الحضارة، وهي الفلسفة التي تسبب انهيارها، بسب ظهور وبروز الأحداث والأنماط الجديدة للحياة. أما المبحث الثالث فنوقش فيه تأثير القيم والمعتقدات على الحضارة، والمكونات التي تزود الإنسان بالطاقات التي يمكنها من معرفة بيئته والإلمام بمجتمعه ومكوناته الطبيعية، ويتجمع لديه كم هائل من المعلومات ليسمى الثقافة. وخصص المبحث الرابع لدور الثقافة في توطيد أركان الحضارة. أما المبحث الخامس فيتناول اليوتوبيا وحركة التاريخ، والتأكيد على أن الإنسان بحاجة إلى اليوتوبيات لكي يستمر في الحياة، أو على الأقل بجعلها على الشكل التي يريدها هو، أو لإحياء الوقائع الجميلة في الماضي، وهذا ما جعل البعض يعد اليوتوبيا وسيلة لنقد الأوضاع الراهنة، التي لا يستطيع الإنسان انتقادها بسبب القيود التي تكبله. وقسم هذا المبحث إلى قسمين، في القسم الأول تطرقت إلى اليوتوبيا بين الوهم والواقع، وفي القسم الثاني ناقشت العلاقة بين اليوتوبيا والأسطورة ودورهما في الحضارة الإنسانية، حيث أن لكليهما وجهين، وجه حسي ووجه عقلي، وكلاهما يتعامل مع العقل والروح البشرية.
الفصل الثالث: يتناول هذا الفصل كيفية تحويل الأوهام والأفكار إلى الحقائق، ويتكون من أربعة مباجث. يتناول المبحث الأول الإيديولوجيا والحضارة بالاستناد إلى الطبيعة البشرية والصراع بين ذاتي الإنسان (أي الذات الفردية والذات الاجتماعية)، ومحاولة الإيديولوجيا تنظيم هاتين الذاتين. فحينما تعمل الإيديولوجيا على تفضيل الجانب الاجتماعي وتهمل الجانب الفردي، يكون توجه النظام بصورة عامة توتاليتاريا، أي شمولياً، وبعكس ذلك عندما تعنى بالجانب الفردي وتؤكد على الحقوق والحريات الفردية، فجينئذ تكون وجهة النظام السياسي وجهة ديمقراطية، لذلك خصصت المبحثين الثاني والثالث، وللإيديولوجيا والتوتاليتاريا، وكذلك الديمقراطية، الإيديولوجيا المضادة لتوتاليتاريا على التوالي، والمبحث الرابع والأخير في هذا الفصل خصص لتأثير الإيديولوجيا في العلاقات بين الأمم، حيث الدول ذات الإيديولوجيات المتشابهة تتجاذب نحو بعضها البعض، وبعكس ذلك فالدول والمجتمعات ذات إيديولوجيا مختلفة تتنافر فيما بينها، ونوقشت أيضاً العوامل التي تؤثر في الإيديولوجيا وتقلل من تأثيراتها.
الباب الثاني: يتناول الحضارة ومسألة الحرية، ويتكون من فصلين: الفصل الأول: خصص هذا الفصل للحضارة وفلسفة التاريخ، ويحتوي على ستة مباحث، في المبحث الأول تطرقت فيه إلى مسألة فلسفة الحضارة، وفيه حاول الباحث تفسير مفهوم الحضارة وبيان علاقتها بالثقافة، ونوقشت آراء العديد من الفلاسفة والمفكرين الذين تناولوا هذا الموضوع. أما المبحث الثاني فخصص لمسألة الحركة والثبات داخل الحضارة ودورها في تطوير المؤسسات السياسية واليت لها آثارها المباشرة في السياسة الدولية. وبينت فيه أيضاً بأن الحضارة تعني مجموعة من الإنجازات الرائعة يحققها مجتمع من المجتمعات وتظهر خلال التاريخ في مجموعة من الإنجازات الرائعة يحققها مجتمع من المجتمعات وتظهر خلال التاريخ في مجتمع أو أكثر وتتطلب قدراً معيناً من السيطرة على الطبيعة ومستوى لائقاً من العيش. والمبحث الثالث ركز على العلاقة بين الإنسان والحضارة ودور الإنسان في بنائها، وفيه حاولنا تفسير الأحداث استناداً إلى أًصغر وحدة ممكنة وهو الإنسان، والمبحث الذي يليه، يتناول الصراع بين الذاتين لدى الإنسان وتأثير هذا الصراع في تطور المجتمع وتكوين أسس علاقاتها مع المجتمعات الأخرى، أي من خلال الإنسان حاولنا استنباط البذور الأولى للعلاقة بين الأمم والسياسة الدولية. أما المبحث الخامس فخصص للتغير والعصرنة وبينت فيه كيفية حصول التغيرات في المجتمع وانعكاساتها على المجتمعات والدول المجاورة ومحاولة تقليدها، لأنه بعكس ذلك سوف ينقطع المجتمع عن مرحلته التاريخية ويصبح ضعيفاً مقارنة بالمجتمعات الأخرى، وفي النهاية يؤدي إلى توجه الأنظار إليه ومحاولة السيطرة عليه. أما المبحث السادس فيتناول دور البطل في الحضارة، حيث يرى الكثير من المفكرين والفلاسفة الذين كتبوا في فلسفة التاريخ، بأن للأنبياء والرسل والمصلحين والفلاسفة الكبار والقادة العظام، دوراً كبيراً في تأسيس الحضارة، ناقشاً هذه الآراء وحاولنا بيان رأينا فيها.
الفصل الثاني: يتناول الحرية بوصفها المحرك للتاريخ. ويحتوي هذا الفصل على خمسة مباحث، المبحث الأول يتناول الحرية وروح التاريخ استند في تفسير ذلك إلى الطبيعة البشرية نفسها، وبين دور الحرية في حركة وصناعة الأحداث التاريخية. أما المبحث الثاني فيتطرق إلى موضوع الحرية بين الاختيار والضرورة التاريخية، لأن مسألة حرية الاختيار من المسائل الفكرية والفلسفية العميقة التي شغلت الفلاسفة منذ أقدم العصور، حاولنا فيه بيان تأثير هذه الجدلية في مسار المراحل التاريخية وانعكاساتها على السياسة الدولية. وهذا المبحث بمثابة الأرضية التي بني عليها المبحثان التاليان، حيث خصص المبحث الثالث لمدى أهمية الحرية في نشوء وسقوط الحضارة، وكيفية تحديد المراحل التي تعيش فيها المجتمعات استناداً إلى فلسفة الحرية، أي تحديد المظاهر السياسية في المجتمع في ضوء مساحة الحرية التي يعمل عليها. أما المبحث الرابع فيتطرق إلى العلاقة بين الحرية والأنظمة السياسية، وفيه تطرقنا إلى أهمية التنظيم السياسي للحريات، وانعكاساته على العلاقة بين الأنظمة السياسية والمجتمعات التي تحكمها. أما المبحث الخامس فقد خصص لدراسة القانون كونه وسيلة لتنظيم هذه الحريات، وسمي بالقانون بين العدالة والمساواة.
الباب الثالث: خصص هذا الباب للسياسة الدولية والخارطة السياسية العالمية الجديدة، ويتكون من فصلين: الفصل الأول: يتناول الخارطة السياسية الدولية، ويتكون من خمسة مباحث. فالمبحث الأول يتناول الإمبراطورية الأمريكية، كقوة كبيرة في عالم اليوم، ويناقش آراء المفكرين الذين تناولوا طبيعة هذه الإمبراطورية بين الإنحلال والتسامي، ويحاول الإجابة على السؤال الآتي: هل تستطيع الولايات المتحدة أن تبقى قوة وحيدة مهيمنة ومسيطرة في العالم، مع نشوء وبروز القوى الكبرى الأخرى؟ أما المبحث الثاني: فتطرق إلى نمو وازدهار قوة الصين الكبرى، التي تحاول جاهدة أن توسع هيمنتها وتستولي على الاقتصاد العالمي، وهي القوة التي بينها وبين الولايات المتحدة محيط واحد ومصالح متناقضة ومشتركة. لذلك خصص المبحث الثالث للعلاقات الصينية-الأمريكية، ومناقشة العوامل التي تقرب وتبعد بين هاتين الإمبراطوريتين مع محاولة التنبؤ بمستقبل هذه العلاقات. أما المبحث الرابع فقد تناول اليابان حضارة ودولة، اليابان القريبة من حيث نظام الحكم من الولايات المتحدة الأمريكية والأنظمة الديمقراطية الغربية. هذا فضلاً عن دراسة مستقبل هذه العلاقة وإمكانية تراجع اليابان عن حلمها الغربي والرجوع إلى جذورها في علاقاتها الدولية. أما المبحث الخامس، فخصص للعلاقات اليابانية-الأمريكية، حاولنا فيه تحديد موقع اليابان وأهميتها بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وطبيعة هذه العلاقات بينهما، والتي في الظاهر تتميز بالقوة والمتانة ولكنها في الحقيقة تواجه مشاكل وصعوبة حقيقة بسبب وجود تاريخ أسود بين البلدين، ولاسيما أثناء الحرب العالمية الثانية واستخدام القنبلة الذرية ضد اليابان من قبل القوات الأمريكية. وهذا ما أضفى غموضاً مشبعاً بالحذر على مستقبل هذه العلاقات، ولاسيما بعد محاولات كوريا الشمالية الحصول على الأسلحة النووية، واستخدام اليابان هذه المحاولة بمثابة ذريعة للحصول على نفس الأسلحة لحماية أمنها.
الفصل الثاني: يتناول هذا الفصل القوي والتحالفات المستقبلية، ويتكون من سبعة مباحث، يتطرق المبحث الأول إلى أوضاع أوروبا العجوز ومحاولاتها استرجاع شبابها، باعتبارها قوة مهيمنة عالمية ولاعب أساسي على الساحة السياسية الدولية، ونوقشت فيه العوامل التي تساعد وتعرقل هذا المسعى الأوروبي وإمكانية تحقيق هذه المحاولة، وبروزها بوصفها قوة عالمية بعد أن فقدتها في أواسط القرن العشرين. أما المبحث الثاني فيتناول روسيا ودورها في التحالفات القائمة للحد من الهيمنة الأمريكية في العالم ولا سيما في آسيا. وإمكانيتها لأداء هذا الدور بعد انكماشها الكبير بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وحاول هذا المبحث أيضاً دراسة السيناريوهات المحتملة لهذه التحالفات، من حيث التقارب الروسي-الصيني والمثلث الروسي-الصيني-الإيراني، في حين أن المبحث الرابع خصص لأهم منطقة حساسة ومتوترة في العالم، وهي الشرق الأوسط بمفهومها الشامل وآسيا الوسطى، ودرس الصراعات الدولية الموجودة في هذه المناطق ودور مصالح الدول الكبرى فيها، وحاول تفسير جذور هذه المصالح وتأثيراتها في مستقبل المنطقة. أما المبحث الخامس فيتناول الجمهورية التركية وحلمها الإمبراطوري، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والتغيرات التي حصلت في ميزان القوى في العالم وفي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى خصوصاً. أما المبحث السادس، فيتطرق إلى العلاقة الصينية اليابانية وآفاق المستقبل بينهما. وتأثير هذه العلاقة في مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية في منطقة جنوب جنوب شرقي آسيا وكذلك في تغير ميزان القوى العالمي، ومدى تأثير هذا التقارب في مستقبل العلاقات بين الدول في هذه المنطقة.
الباب الرابع: يتناول الحرب وفلسفة القوة، ويتكون من فصلين أيضاً: الفصل الأول: يتطرق إلى موضوع السياسة الدولية والحضارة العالمية، ويحتوي على خمسة مباحث. المبحث الأول خصص للسياسة الدولية المعاصرة والتغيرات التي حصلت فيها وبخاصة في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الجديد. والمبحث الثاني يتطرق إلى طبيعة السياسة الدولية والعوامل التي تؤثر فيها، وتحرك هذه السياسة في عالمنا المعاصر، استناداً إلى المستجدات التي حصلت في العلاقات الدولية، وتغير البنية المؤثرة في هذه العلاقات. أما المبحث الثالث فيتناول مسألة توازن القوى بين الدول، بعد انهيار نظام الثنائي القطبي العالمي وتأثير تغير هذا التوازن في الأمن والاستقرار العالمي. ومن ثم يتناول المبحث الرابع سطوة القوة والهيمنة الدولية حيث حاولنا تحليل محاولات الولايات المتحدة الأمريكية لفرض هيمنتها كقوة عالمية وحيدة. وفي مقابل هذا تطرق أيضاً إلى محاولة الدول الأخرى للحد من هذه الهيمنة، وناقش الآراء التي طرحت حول هذا الموضوع. ومحاولة توازن القوة من جهة ومن جهة أخرى السطوة والهيمنة وفرض القوى يؤدي إلى حدوث حركات سياسية وعسكرية واقتصادية في مناطق العالم كافة، ولا سيما في المناطق التي تعاني من فراغ القوة، والتي تنجذب القوات الأخرى إليه ويحفزهم إلى التدخل في شؤونها، وهذا التدخل يعد مقدمة لاندلاع الحروب، وخاصة عندما لا يكون الفرق بين هذه القوى شاسعاً، لذلك خصصت المبحث الخامس للتدخل بوصفه مقدماً للحروب وتغير الخرائط.
الفصل الثاني: يتناول هذا الفصل منطق الحروب في التاريخ، ويتكون من ستة مباحث، فالمبحث الأول تناول الحرب العادلة والحرب المقدسة ومحاولة السلطات لإعطاء المشروعية لحروبها. أما المبحث الثاني فيتناول موضوع جدلية الحرب والحضارة، ونوقشت فيه الآراء التي طرحت بشأن أهمية ودور الحرب في الحضارة، حيث عد البعض الحرب دواء للوهن والشيخوخة التي تعاني منها الحضارة، وهناك من عدها إيقاظاً للشعوب، لمحاولة مواكبة التطورات التي تحدث في المراحل التاريخية، صحيح أن الحرب ظاهرياً تشمل الجانب العسكري، ولكن إلى جانب القوات المادية هناك حروب بين العقول، أي كيفية استعمال المسوغات ومحاولة السيطرة على العقول لتسويغ اندلاع الحروب أو إفشاله، لذلك خصص المبحث الثالث لهذا النوع من الحروب، أي حرب العقول، والمبحث الذي يليه تناول موضوع القوة المعنوية التي تستخدم أيضاً إلى جانب القوة المادية، والتي في كثير من الأحيان لها دورها الأكبر حتى أكثر من القوة المادية نفسها، لذا تحاول الأطراف المتحاربة دائماً العناية باستخدام هذه القوة، التي تتضمن الشعارات والمبادئ التي ترفعها الأطراف المتحاربة وتتظاهر بأنها تحارب من أجلها، مثل مبدأ الحرية والإخاء والمساواة التي نادت بها قوات نابليون ومسألة الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تستعمل في عالمنا اليوم. أما المبحث الخامس، فيتناول العلاقة بين الأنظمة السياسية والحرب، ولا سيما العلاقة بين الحرب والديمقراطية، حيث هناك فكرة تقول بأن الدول ذات الأنظمة الديمقراطية لا تتحارب فيما بينها. وكذلك قرار دخول الحرب في مثل هذه الدول أصعب من غيرها من الدول التي يطلق عليها غير الديمقراطية، لذلك خصص هذا المبحث للحرب والديقراطية، أما المبحث السادس والأخير في هذا الفصل فيتناول الحرب العالمية الجديدة والتي غطيت تحت اسم ",حرب ضد الإرهاب",، حيث يشارك فيها العديد من الدول مع العديد من المنظمات والأحزاب الدينية في العالم، وبخاصة مع المنظمات والأحزاب الإسلامية.
الباب الخامس: يتطرق إلى الحضارة العالمية الجديدة، ويضم ثلاثة فصول: الفصل الأول: خصص للعلاقة بين الحضارات ويحتوي على أربعة مباحث، المبحث الأول عالج مسألة موضوع حركة الحضارات، حيث نوقشت فيه أسباب اتساع وانكماش الحضارات وتأثيرها في العلاقات بين الحضارات. وفي المبحث الثاني تطرق إلى جدلية التاريخ الهيجلي وفكرة نهاية التاريخ، حيث روح لها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي من قبل كتاب غربيين وبخاصة الكاتب الأمريكي فرنسيس فوكوياما، حاول الباحث تفسير الأسباب التي أدت بالقول بنهاية التاريخ في هذه المرحلة المعينة بالذات مستعيراً جدلية العلاقة بين السيد والعبد في فكر هيجل. أما المبحث الثالث فيتناول الديمقراطية، التي عدها البعض الطرف الفائز والمنتصر في نهاية التاريخ، وبين الباحث فيه أن ما يسمى اليوم بالديمقراطية بالديمقراطية الجديدة ما هي إلا مرحلة ما بعد الديمقراطية والتي تحتوي على بعض الإجراءات التي تناقض الديمقراطية نفسها، وهذا يعني أن النظام العالمي كله يتوجه نحو نظام جديد تمتزج فيه الديمقراطية بالشمولية والأفكار والتوجهات المعتبرة الموجودة في ثقافة المجتمع البشري بصورة عامة. أما المبحث الرابع فقد خصص للحركات الراديكالية الدينية، التي برز دورها في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الجديد، نتيجة للتطورات التي حدثت في مجالات التقنية الإلكترونية واضمحلال الحدود بين الدول، والتي أدت إلى ظهور أفكار وحريات جديدة، لم تكن تعالج بواسطة القوانين القديمة للدول التي أصبحت عتيقة مقارنة بالتطورات التي حدثت قبل أن تنظم هذه القوانين، لذلك حاول الفكر الإنسان ملء هذا الفراغ واستنباط الحلول لمشاكلها بالرجوع إلى الديانات وبخاصة إلى أصول الديانات، أي إلى فترة ما قبل الحداثة، لأنهم ظنوا أن الحداثة قد أفسدت الدين، وهذه المحاولة شملت تقريباً جميع الديانات الموجودة في المجتمع البشري ومن ثم ظهور الحركات الأصولية. وفي هذا المبحث تناولنا دور هذه الحركات في مسار السياسة الدولية والأسباب التي أدت إلى ظهورها والنتائج التي يمكن أن تترتب عليها. والتي أدت بالبعض إلى الاعتقاد بأن هناك تنافساً وتصادماً بين الحضارات.
الفصل الثاني: خصص للحضارة والتفاعل الثقافي، ويتكون من أربعة مباحث: المبحث الأول: يتناول موضوع التنافس والاحتكاك بين الحضارات، ونوقشت فيه الأفكار التي طرحت بخصوص مسالة صدام الحضارات وأسباب ظهورها. والمبحث الثاني خصص للعلاقة بين الشرق والغرب والخلفية التاريخية لهذه العلاقة من حيث الحروب وتبادل المعرفة والاستفادة من بعضهم البعض، والمبحث الثالث يتطرق إلى العلاقة بين الإسلام والغرب أو بصورة أدق العلاقة بين الإسلام والمسيحية وتأثيراتها في العلاقة بين الشعوب وانعكاساتها على السياسة الدولية، وبخاصة بعد ظهور الحركات الراديكالية. أما المبحث الرابع والأخير، فيتناول مسألة الدين والثقافة، وسمي بالدين والتفاعل الثقافي، بسبب اعتقاد الباحث بأن هناك فعلاً علاقات إيجابية كبيرة في الجوانب المادية الحضارية، بسبب اتساع التجارة العالمية والتطورات التي شهدتها المجتمع البشري في الجوانب التقنية، ولكن الاختلاف بدأ يظهر بين الثقافات، أو بعبارة أخرى تعمل الدول الكبرى على إبراز هذه الاختلافات بدلاً من التأكيد على القواسم المشتركة.
الفصل الثالث: خصص للحضارة العالمية، ويضم خمسة مباحث. المبحث الأول يتناول مسألة التفاوت بين المراكز والأطراف وتأثيراتها في السياسة الدولية، حيث يؤدي تطور بعض الدول وتخلف بعضها إلى ظهور تنافر وتباعد بينها. وعد بعض الباحثين ولا سيما الاقتصاديين، الدول المتطورة بمثابة المراكز والأخرى بمثابة الأطراف لها، أي بمثابة الأرضية التي تغذي المراكز المتقدمة بالمواد الأولية والدول المتقدمة تزودها بالإنتاج والصناعات، وهذه الحالة كانت لها آثارها على العلاقات الدولية وانعكست على السياسة الدولية أيضاً، لأنها أدت إلى الاختلاف والتفاوت بين هذه الدول وشعوبها، مما سبب نشوء نوع من التنافر والتنافس فيما بينهم، والاختلاف في مستوى المعيشة، ومن ثم ظهور عملية الهجرة من الأطراف إلى المراكز، ولهذا خصصت المبحث الذي يليه بمسألة الهجرة التي أزعجت دول المراكز إلى حد كبير ويعدونها تهديداً لحضارتهم، لأنه حسب حجمها ومستواها الحالي، تعني إعادة التوزيع العالمي للسكان، وكذلك يؤثر في خلق نظرة جديدة في السياسة الدولية، واضطرار الدول الكبرة المهينة إلى مراجعة سياساتها بخصوص المستوى المعيشي في هذه الدول وكذلك في أنظمتها السياسية، لإيقاف هذا السيل الهائل من المهاجرين، وقدمت من أجل ذلك مشروعات كثيرة ولعل أهمها في الواقت الراهن مشروع الشرق الأوسط الجديد.
يتناول المبحث الثالث مسألة انهيار وسقوط الحضارات، وحاولنا فيه، وبالاستناد إلى الآراء التي طرحت من المفكرين والفلاسفة الذين تطرقوا إلى هذه المسألة، أن نبرهن كيف أن الحضارة الحالية في طور الانتهاء وأن حضارة عالمية جديدة في طور التكوين، ولتكملة هذه الفكرة خصصت المبحث الذي يليه لأسس وتكوين هذه الحضارة العالمية الجديدة، وبالاعتماد على بروز ظاهرة العولمة الاقتصادية بالدرجة الأولى ومن ثم العولمة الثقافية، وفيه بينت أيضاً الأسباب التي خلقت هذا الاعتقاد لدى الباحث، أي بعالمية هذه الحضارة العالمية الجديدة، لذلك تناول المبحث السادس هذه الحضارة العالمية الجديدة وجوانب السلب والإيجاب فيها. في نهاية الأطروحة عرض الباحث أهم الاستنتاجات التي توصل إليها نتيجة دراسته هذه. أقرأ أقل