وصف الكتاب
تحتل دراسة العلاقات الاقتصادية الدولية أهمية بالغة بين فروع الاقتصاد المتعددة، ويرجع ذلك إلى ما يثيره هذا الموضوع من مشكلات اقتصادية ناتجة عن دخول مفاهيم جديدة في العلاقات الدولية كالعولمة والتدويل والتكتلات الاقتصادية وغيرها من المفاهيم الأخرى. فقد أضحت الحدود الإقليمية بين الدول مجرد حدود سياسية تفصل الدول عن بعضها من الناحية السياسية فقط، أما من الناحية الاقتصادية فلا محل لمثل هذه الحدود ونحن أمام عالم اقتصادي يبدو كقرية صغيرة. فالعلاقات الاقتصادية الدولية لا يقف أمامها أي فواصل أو حدود.
وقد احتلت دراسة العلاقات الاقتصادية الدولية مكاناً بارزاً في الفكر الاقتصادي منذ بداية تكون علم الاقتصاد على يد المذهب التجاري في القرن السابع عشر. إذ نادى أنصاره بضرورة أن تكون الدولة قوية، وإن ذلك لن يتأتي لها إلا عن طريق الاقتصاد ومن هنا كان شعارهم ",الاقتصاد للقوة",. فالثورة لديهم تتمثل في كمية هذه المعادن النفسية التي تمتلكها الدولة، وكلما زادت كمية هذه المعادن كلما زادت ثروتها. ولما كانت كمية هذه المعادن ثابتة نسبياً على مستوى العالم، فالدولة القوية وحدها هي القادرة على غزو الدول الأخرى واستعمارها واستغلال مناجمها والحصول على المعادن النفسية التي من شأنها أن تزيد ثورتها وتمنحها القوة في مواجهة الدول الأخرى. ولذلك نادى التجاريون بمبدأ حرية التجارة الدولية الذي يحقق أهدافهم في أن تكون الدولة قوية اقتصادياً.
ثم جاء المذهب التقليدي، الذي اهتم بدراسة موضوع التجارة الخارجية أو الدولية. وأشار إلى أهمية تقسيم العمل الدولي والتخصص على أساس الميزة النسبية لكل دولة، وتبنوا أيضاً سياسة حرية التجارة. ولكن حتى تلك الآونة كانت العلاقات الاقتصادية الدولية تدرس كجزء من النظريات الاقتصادية دون أن يكون لها ذاتية وخصوصية.
أما في العصر الحديث فقد أصبح للعلاقات الاقتصادية الدولية ذاتية واستقلال عن باقي فروع الاقتصاد، فالاقتصاد العالمي حقيقة اقتصادية واضحة، يمتلك هيكلاً خاصاً به قابلاً للتغيير من وقت لآخر بتغير الأوضاع والظروف التي تمر بها العناصر المكونة له، أي مختلف الاقتصاديات القومية.
عن أسس هذا الاقتصاد يتحدث الكتاب الذي بين أيدينا مستعرضاً في الباب التمهيدي ماهية ومظاهر العلاقات الاقتصادية الدولية ومدى تميزها عن علاقات الاقتصاد الداخلي، أما الباب الأول فاستعرض النظريات المفسرة للتبادل الدولي، وتناول الباب الثاني العلاقات النقدية والمالية الدولية، أما الباب الثالث فألقى الضوء على موضوع السياسات التجارية وختم الكتاب بدراسة تناولت النظام الجديد للتجارة الدولية. أقرأ أقل