وصف الكتاب
أسلوب خاص، وصدق في التعبير، وصراحة بين الذات وصاحبتها لا تدين ولا تدان، بل بوح مفتوح لما يجول في الذهن، ولما يصيب المشاعر، ولما يعتمل في النفس من رغبات ودوافع وانفعالات، ولكل أشكال علاقاتها وما يصل بينها وبين الآخرين، والآخرين بحسب ",عهد", بطلة الرواية هم الرجال: ",ما يثير جشعي وشهيتي للحركة، للصيد، هم الرجال! الرجال بشكل عام، وخاصة الأسماء منهم، أحب الضوء، أعشق الشهرة",، تعبر عن همّها واهتماماتها بكل بساطة وبلا أي تعقيدات وبلا أي حساب وبلا أي قناع.
تسرد الراوية حكايتها على لسان أكثر من شخص وتراها من أكثر من زاوية، وتشبك داخلها حكايات أخرى منفصلة، تعلقّها على صدر بنيان متفلت من القيود، يجمعه السرد ولا تحدده الحكاية. ",نظام", كان ",مستشاراً درامياً، دراماتورج شهيراً، مسؤولاً عن تسطيح الذوق العام، مسؤولاً عن تقديم التفاهة التلفزيونية الضاربة، المتنبئ الأهم بذوق الشارع..",، تعرّف على ",عهد", حين جاءت لتقدم له مشروعاً سينمائياً عن أعمال الفنان زياد الرحباني ورؤيته الفنية والاجتماعية والسياسية، والذي تتخذ منه مدخلاً للحديث عن المرأة والحرب وعن الطائفية في لبنان وعن الأوضاع التي مرّ بها من عام 2005 إلى 2008 حيث تبدأ روايتها بخبر مشاركة زياد ",ضمن فعاليات دمشق عاصمة للثقافة العربية",.
كما لا تبخل بوصف الأجواء الفنية والثقافية المتنوعة من خلال شخصيات متعددة صادفتها أو شاركتها فترة من حياتها، فـ",هم كتّاب جدد في طريقهم للشهرة، يحبون السينما والفنون الحديثة",، وهم ",روائيون، شبان، حققوا اسماً لامعاً، لا بأس ببريقه، في سماء ضيقة أساساً",. تفيض مشاعر الراوية كتابة متناقضة بين الحب والكره لدمشق مدينتها، لذا تعود وتنكرها ",..لا تنجرفوا معي! تلك لغة لا يمكن لعهد أن تكتب بها، لم تكن تلك روحها، ذلك الحب الجارف، العاطفي، البكاء، المتعطف لدمشق!",، كما أنها تنكر في نهاية الرواية كل ما كتبته: ",أبرئ نفسي من كل ما كتبت!", وذلك لا لأنها تتراجع عنه بل ",خوفاً منكم وبحثاً عن العفو",، فهي لشدة بوحها المنفلت، النابع من خيبة وحرقة احتمالات مقتولة سلفاً، لا تريد أن تحسبه ولا أن تتحمل عواقبه.
رواية مميزة، حقيقية في تعبيرها وغنية في سردها، هي أشبه ببوح وانفعال يؤرّخ الذات في ارتباطها بالأحداث، وهي تأريخ للأحداث في ارتباطها بالذات. وهي تشابك للخاص بالعام في ارتباط حقيقي بين الإنسان ومحيطه، بغض النظر عن نوعية الذات ونوعية الأحداث.