وصف الكتاب
ثمة ملائكة على الأرض, يرتدون إيشاربا ناعما يضفى مساحة إضافية من طيبة ووقار, يمتهنون القوة والصمود الذاتى ويحترفون إرسال الفرح والطيبة إلى الآخرين.
حين داهمها السرطان على غفلة من الجسد الناعم, توقع أن ثمة سهولة فى المعركة معها وأظنه توقع أن المعركة محسومة سلفا, فالرقة والأمومة الفائضة عن حاجة طفليها والتى تتسع لكل أطفال الأرض أو همته بالنصر, لكن هويدا كاتبة قصص الأطفال استعارت من أساطير الطفولة أسلحة المقاومة ولأنها صحافية فى حقل الطفولة طوعت السلطة الرابعة وأسلحتها لمعركة المواجهة والحسم, فالطفولة تنحاز إلى المستقبل دوما, وتبني معه علاقة أقوى من السرطان ذلك المرعب الذى يخشاه كثيرون.
هويدا صحافية مصرية صحت ذات يوم على سرير ابيض وغرفة فى مستشفى قاهري على وجع السرطان, لم تمنع دمعتها, لكنها استمدت من عيون أبنائها شحنة طاقة إضافية وقررت الانحياز للحياة, كانت مكة المكرمة أولى خطواتها بعد الكيماوي, ومن رحابة البيت العتيق انتقلت إلى فضاء الدنيا, ناشطة فى مكافحة المرض, وناشطة اكثر فى رفع معنوية المرضى, تشرح تجربتها مع المرض وكأنها تنقل مباراة رياضية بتعليق فخيم, تروي جلستها الأولى مع الكيماوي بلمعة عين المؤمن ولاتنسى شكر الله على ما منحها من قوة.
السرطان حليف الموت فى أذهاننا, رسمنا له صور كتلك التى نرسمها الغول والشياطين, ونصبح أكفان تسير على قدمين إذا ما عرفناه داخل عضو من أعضائنا, حينها ينتصر المرض, ويبتسم بسخرية المتغطرس, ويتغول أكثر وأكثر وما من طاقة تكبح جماحه وجنونه فى الفتك بأجسادنا وكأنه آلة قمع صهيونية.
للمقاومة وطنيا وجسديا نفس الأدوات ونفس الأسلحة, وتلك مفارقة الدنيا والأوطان والجسد, أسلحة نقاوم بها الغاصب عدو الحياة, الإيمان والقناعة بالمقدرة على النصر وهزم الغاصب, أدوات نمتلكها بسهولة كما تقول هويدا, لأن الموت لا يستأذن أحدا
ثمة نجاحات ينبغى أن نطلع عليها كما اطلعنا على تجارب حركات المقاومة فى البلدان التى تحررت من نير الغاصب, وهذا المرض غاصب ولذا نربطه دوما بالإحتلال فى جسد الأمة, ولا سبيل لهزيمته إلا بالمقاومة كما تفعل هويدا وعبد الجبار أبو غربية وآخرون, كما سيفعل كثير من اخوتنا المصابين به غدا وبعد غد, فنحن سنرفع فى وجه السرطان شعار ",إننا نحب الحياة",.