ما زال أدب الأطفال من الآداب المستحقة لمزيد من الرعاية، ولمزيد من الدراسات التطبيقية المعمقة القائمة على أسس معرفة سيكولوجية مخيلة الطفل، وآلية تغذيتها وصولاً من مرحلة إثارة المخيلة إلى التغذية العقلية التي يترجمها الفعل سلوكاً. ذلك لأن أدب الأطفال رسالة لغوية، أو خبرة لغوية في شكل فني، له قواعده، ومنهجه، وله اهدافه العقلية، والنفسية، والإجتماعية، والصحية التي تبلغ أقصاها في بناء شخصية سوية للطفل. ويتخذ هذا النوع من الأدب الإمتاع والتسلية مطية له.

ولما كانت مراعاة ما تقدم ذكره مرهونة بالمرحلة العمرية التي يقدم لها الأدب، بوصفه رسالة لغوية، وبوصفه من أعقد الرسائل الموجهة للطفل، كان لزاماً على مبدع أدب الأطفال، الذي تتركز غايته في نقل فكر مخيّل في إطار لغوي، أن يختار له تشكيلاً يراعى فيه المرحلة العمرية التي يوجه فيها أدبه، تحقيقاً للغاية المرجوة منه، ومرامها التأثير الإنفعالي المنتهي إلى التوجيه، جسره الخيال المحبب إلى النفوس.

ومن هنا يتوجه الكاتب لتحقيق تلك الغاية (السهولة والوضوح) الملائمين لمرحلة النمو الإدراكي واللغوي للمرحلة العمرية التي يكتب لها. وعلى ذلك فإن السبيل للوصول إلى تلك الغاية من أصعب السبل؛ لأنه محفوف بجملة معوقات أظهرها. كما يرى المؤلف:
الإزدواج وقضية الإكتساب اللغوي عند الطفل.
تحديد المرحلة العمرية وتعرّف محصلتها اللغوية والإدراكية.
تحديد الهدف المرجو تحقيقه.

فإذا ما اجتاز المبدع هذه المعوقات، ولم يتناسَ عدم صلاحية كل أدب يكتب للأطفال أنه لهم أجمعين، حقق بأدبه الغايات المرجوة منه.

ولما كانت مراحل العمر الطفلية مختلفة فيما بينها، فإن مؤلف كتاب (في أدب الأطفال لغة القصة وآليات تبسيطها) قسمها إلى ثلاث مراحل عمرية: مرحلة الطفولة المبكرة ما بين (3 إلى 5 سنوات)، ومرحلة الطفولة المتوسطة ما بين (6 إلى 8 سنوات)، ومرحلة الطفولة المتأخرة ما بين (9 إلى 12 سنة)، التي ركز فيها الباحث دراسة آليات التبسيط لقصة موجهة لهذه الفئة العمرية.

ولم ينسَ الباحث في ضوء هذا التقسيم دراسة السمات السيكولوجية واللغوية لأطفال كل مرحلة من هذه المراحل؛ ليصل من ذلك إلى تحديد الأدب المناسب لها، وتحديد خصائصه، وهو بذلك يقدم للمكتبة العربية مادة غنية لأدب الطفل تغني فكر دارسه وتزوده بحصيلة فكرية تضيء له سبل التعامل مع الطفل وسبل تقديم الأدب المناسب له.