وصف الكتاب
",إن الجرائد الهزلية لا تقتصر على التسلية والفكاهة وجلب دواعي الانشراح، بل إنها تحيي النفوس الخامدة، وتربي الأفكار الجامدة، وتقوّي الإحساس، وتبثّ الشعور، وتزيد في الإدراك.
فمنزلتها ليست بالدنيا، إذ هي من أعظم عوامل التربية الاجتماعية، لأنها تشخّص المحاسن في أجلّ صورها، وتمثّل القبائح في أتعس مناظرها، وتهوّلها... فالجرثومة قد تكون فتاكة، ولكن بخفائها عن الأعين واستصغارها لا تؤخذ الاحيتاطات اتقاءً من أضرارها. ومتى ظهرت بالمجهر فإنها تدخل الرعب في القلوب. تلك هي منزلة الجرائد الهزلية في الهيئة الاجتماعية.
فلا عجب إذا قلنا إنّها من أجلّ الوسائط للخدمة القومية، بل أقرب طريق للإصلاح، لأن الرمز خير من الهمز لمن كانوا يفقهون، وبالإشارات يفهمون، إذ أن العقلاء تكفيهم الإشارة وتعفيهم عن العبارات...",.
وكتاب الأستاذ ",حمادي الساحلي", الذي بين يدينا ",الصحافة الهزلية في تونس نشأتها وتطورها", يأتي من هذا الإطار وهو إضاءة تاريخية مهمة لأخصب وأزهى مراحل صحافة النقد والانتقاد والكلمة الضاحكة العابئة المرحة، واللّمز والهمز، في أدقّ فترات تاريخ تونس. وهو كتاب لا تتجاوز صفحاته 80 صفحة، ينقل القارئ إلى ألوان جديدة من نضال صحافة الأمس، ويدعوه إلى التأمل والتفكير في أدب صحفي اختفى هذه الأيام من الصحافة التونسية وأكاد أقول من الصحافة العربية أيضاً...