وصف الكتاب
ليست الفنومنولوجية إتجاهاً فلسفياً مجرداً، بل هي فكرة حية حددت للنزعة الإنسانية المعاصرة أهدافها وعينت لها وسائل تحقيق هذه الأهداف ثم إنها- من الناحية العلمية- منهج مستقل عن الأصل الفلسفي الذي صدر عنه، له قيمته الموضوعية في إثارة مشكلات العلوم الإنسانية وتوجيه حلولها. لذلك يمكن القول بأن الفلسفة الفنومنولوجية قامت في هذا المقام بدور مماثل للدور الذي لعبته في تاريخ الفكر الإنساني كل فلسفة خصبة لم تستنفد جهدها في معارضة العلم بإسم العقيدة، أياً كانت هذه العقيدة، ولم تستغرق طاقتها في تأليه العلم والخضوع له خضوع العبد للسيد، بل نفذت- في عمق وبصيرة- إلى مصدر العلم ومصدر الوجود الإنساني جميعاً، فكانت حافزاً للمشتغلين بالعلم على", إكتشاف اللامتناهي بتعمق المتناهي",، كما يقول",جوته",.
تلك هي الفنومنولوجية وتلك هي دلالتها بالنسبة للفلسفة المعاصرة وعلم النفس المعاصر. فعسى أن يسهم كتاب",سارتر", في تعريف أبناء الوطن العربي بهذه الحركة الفكرية الهامة. وعسى أن يجد فيه الفلاسفة وعلماء النفس فرصة للإفادة من المنهج الفنومنولوجي في معالجة شتى المسائل التي تعرض لهم!.