وصف الكتاب
لعل الشرطة القضائية - وحدها من بين مؤسسات الدولة - غير محدودة الأهداف والمهام والوسائل، ومع إتساع آفاق عملها، وتعدد مسؤولياتها في تنوع لا حصر له، فهي مقيدة بالقانون وبحقوق الناس وحرماتهم، حبيسة هذا الإطار القانوني الملزم، تتحرك وتتصدى ولكن بحكمة وروية، وتقرر وترسم، ولكن بحذر وتحفظ، وتتهم وتُجرِّم، ولكن بتجرد ونزاهة، قوامها معرفة عميقة بالنفس البشرية، ونظرة واعية نفّاذة، وتحليل منطقي موضوعي، وخيال خصيب رحيب، وتقنية ذكية بارعة الدقة.
إنها مهنة عقوق، نادراً ما توصف، أو تُعلمَّ، بل صراع غير متكافيء بين متقيِّد بالقانون والضمير، وبين مجرم لا يعرف - ولا يعترف بقانون، أو يرعى حرمة.
والكتاب هذا، الفريد المبتكر، وضعه متخصص فذ، غني المواهب، سلخ أعواماً ثلاثين مفوضاً في قلب باريس، فجمع فيه حصيلة عمره الحافل تجربةً وفكراً ودراسة، في تحليل عقلاني للعمل الجرمي، ظواهره وخفاياه ودوافعه، والوسائل التقنية المتطورة، المعتمدة في محاربته، يضيء سبل التحري والإستجواب والتحقيق والإستدلال، بعلم الخبير، وهدي القانون، وإيمان الملهم، كما نقله المعرّب بأمانة رجل العلم، وأسلوب الأستاذ الجامعي الثقة، وقلم الأديب الممتع.
ونظراً لما ينطوي عليه من كشف وإكتشاف، ولُمع عبقريات في تحليل الجرائم وأماطة اللثام عنها، جاء هذا الكتاب تعميماً للفائدة من هذا المؤلف ذي ",الثقل النوعي", الخارق.