إن فرضية وجود إقطاع بالمغرب في مرحلة هامة من مراحل تاريخه الحديث تستدعي، في تحليلها وتفسيرها، إثباتها أو نفيها، وإستحضار شبكة من المتغيرات والدوال مثال: القبيلة، المخزن بمختلف إمتداداته وآلياته وعلاقاته الأفقية والعمودية، الإستعمار بسياسته التي ستعجل بتبديد المشترك الجماعي، القواد الكبار، الزاوية، الأرض، الفلاح بأشكال وظائفه (ملاك، عزاب، رباع، خباز، خماس)... إلا أن أحداثاً إجتماعية وسياسية وجيواستراتيجية طبعت المجتمع في تلك المرحلة، وكان لها بالتالي الحسم في رسم معالم الدولة بتشكيلاتها الإجتماعية والإقتصادية.

بمنهج سوسيولوجي، وإستئناساً بالتاريخ الإجتماعي، يحاول المؤلف في هذا الكتاب، الحسم في إشكالية الفيودالية والإقطاع، مختبرا العلاقات والتحالفات والتوافقات التي يمكن أن تكون مفتاحاً لتفسير الحاضر، إذ لا يمكن فهم الحاضر إلا في علاقته بماض غير قابل للإختزال أو التحريف من حيث أنه ماض وطني مترسخ، بتراكماته الإيجابية والسلبية، في بنية اللاشعور الجمعي...

ولئن برزت اليوم ألفاظ تبدو منبثقة من ثقافة مفاهيمية جديدة ومدينية، فإنها تبقى متأصلة في البنية القبلية وفي العقلية البدوية الزراعية التي تنكشف بجلاء في حياة المدينة وعلى مستوى تدبير الأمور العامة...