يجلي هذا الكتاب الغموض عن القانون البحري فيوضح مفهومه وتطوره كما يسرد المصادر التي يستمد قوانينه ويبحث كذلك في نطاق تطبيق هذا القانون كما يوضح مفهوم السفينة على أساس أنها أداة الاستقلال البحري أي أن النشاط التجاري البحري مرتبط باستثار السفينة وطبيعتها كما انه يشير إلى وسائل كسب ملكية السفينة والتي تأتي بطريق مختلفة كالإرث وكذلك التخلي والمصادرة لكن هناك طريقتين مألوفتين في أتساب ملكية السفينة وهما: الشراء والبناء إذا يعد عقد شراء السفينة من العقود التجارية كما يبحث في الامتيازات و الرهون والحجر على السفن كما يناقش موضوع النقل البحري الاستقلال البحري فيتناول الأحكام العامة منوها إلى أن النقل يتم بموجب مشارطات الإيجار وكذلك بموجب سندات الشحن ومما يدرس هذا الكتاب لذلك مسؤولية الناقل البحري حيث يبحر في نطاق تطبيق قواعد المسؤولية والتزامات الناقل البحري كما يوضح طبيعة مسؤولية الناقل البحري وذلك بتحديد تلك المسؤولية ويبحث تلك المسؤولية كذلك في النصوص الاتفاقيات الدولية والقوانين الحديثة كما يتناول البيوع البحرية فيشير إلى تطور البيوع الدولية ومعيار الدولية في البيوع.

إذا كان ظهور قانون باسم القانون البحري جاء متأخرا، فإن ظهور قواعد بحرية سبقت ذلك بزمن طويل، فأوجد الفينيقيون منذ آلاف السنين، قاعدة طرح البحر (الإلقاء في البحر)، وهي الأصل التاريخي لقاعدة الخسارات البحرية المشتركة المعروفة في التجارة البحرية، كما عرف الإغريق، قرض المخاطرة الكبيرة أو الجسيم، الأصل للتأمين البحري بأحكامه الخاصة.

وقد ظهرت قواعد التجارة البحرية كأعراف تميزت بخصوصيتها التي استمدت من المخاطر التي ترافق النقل البحري، والتي لا مثيل لها في غير هذا الميدان. ومعروف أن صناعة النقل البحري قد تطورت بشكل كبير من حيث هيكل السفن وحجمها والوقود المستخدم في تحريكها. كما تطورت وسائل الاتصال بما قلل من المخاطر التي تواجه الرحلة البحرية، وعزلة السفينة في عرض البحر لفترة طويلة، إلا أن ظروف التجارة البحرية ما زالت تحتفظ بخصائصها التي لا مثيل لها، وبذلك احتفظت بقواعد متفردة، أوجدها العرف البحري، فضلاً عن ظهور قواعد جديدة أملتها التطورات المختلفة التي صاحبت النشاط التجاري البحري. وسنتناول في هذا الكتاب موضوعات أربع الأول للسفينة وأشخاصها والثاني للنقل البحري أما الثالث فللبيوع البحرية والرابع للتأمين البحري. وقد أولينا الموضوعين الثاني والثالث أهمية خاصة أكثر من الاهتمام بالسفينة كما يلاحظ، لأن بلداننا تعتمد في نشاطها التجاري على سفن الغير في الغالب، فما زال حجم الأسطول التجاري العربي (مجموع السفن العاملة في النشاط التجاري في البلاد العربية) صغيراً لا يستوعب ما ينقل من وإلى المنطقة.

وستتوزع دراستنا للقانون البحري على الموضوعات التالية وحسب التقسيم الذي يقابلها. الباب الأول: أداة الملاحة البحرية (السفينة). الباب الثاني: الاستغلال البحري (النقل البحري). الباب الثالث: الأعمال التجارية التي ترافق النشاط البحري (البيوع البحرية). الباب الرابع: التأمين البحري. ونسبق ذلك في باب تمهيدي نبين فيه نشأة قواعد التجارة البحرية وتطورها وخصائصها ومصادر القانون البحري ونطاقه.