ازداد الاهتمام بالعلاقات العامة في بداية القرن العشرين نتيجة التطورات المتلاحقة في العالم في كافة المجالات، وصاحبها تطور لجهود ممارسي العلاقات العامة مع جهود منظريها من الخبراء والباحثين ليتبلور في النهاية علم جديد هو علم العلاقات العامة الذي حدد الأسس العلمية لوظيفة العلاقات العامة وأهميتها للمنظمات والمؤسسات في جميع دول العالم بدون استثناء، والتي كانت مقتصرة على الدول المتقدمة بعد الثورة الصناعية التي اجتاحت تلك الدول، وظهور الشركات المتعددة الجنسية المنتشرة في جميع أرجاء العالم، وانتعاش التجارة العالمية وتطورها وزيادة العلاقات الدولية التي أدت بالتالي إلى ضرورة الاستعانة بالعلاقات العامة لتحقيق التكيف والانسجام على المستويين الوطني والدولي، حيث اتضح أن هذه المنظمات والمؤسسات لا تستطيع تحقيق النجاح والاستمرار واكتساب تأييد الجماهير لها بدون تنظيم تكون مهمته العمل على توفير نوع من التواصل بين المنظمة وجماهيرها ونقل الصورة الصادقة لهم وخلق صورة ذهنية ايجابية تحقق سمعة طيبة في الداخل والخارج.
ومن هنا اتضحت أهميه الحاجة إلى العلاقات العامة في المنظمات والمؤسسات والهيئات بمختلف أنواعها وأحجامها، لأنها تُعد فن التعامل مع الجمهور بهدف خلق علاقات وطيدة وطيبة مع الجماهير المختلفة التي تتعامل معها لاكتساب رضاهم وقبولهم وتأييدهم، وبهذا فإن الجمهور هو أساس عمل العلاقات العامة ونشاطها؛ لذا كان من الضروري أن تهتم المنظمة أو المؤسسة بنشر روح المودة والمحبة بينها وبين فئات جمهورها على أساس من الاحترام المتبادل؛ لأن في ذلك اعترافًا بأهمية الجمهور وآرائه، وبأهمية الحصول على تأييده.
ولا يتأتى ذلك إلا بوجود إدارات وأقسام تختص بالعلاقات العامة وتستخدم مختصين تتوفر لديهم الإمكانيات والأدوات والوسائل والأموال التي تضمن لهم القيام بأداء وظائفهم بكفاءة وعلى أكمل وجه.
وقد احتلت العلاقات العامة مكانتها نظراً لدورها الهام في تجسيد التفاهم والإقناع بين المنظمة وجماهيرها، كما احتلت دورها الهام داخل الهيكل التنظيمي في إدارات معظم المنظمات والمؤسسات الحديثة على الرغم من تقاوت أهميتها بين منظمة وأخرى، إلا أن الحاجة للعلاقات العامة باتت ملحة في المجتمع المعاصر، وأصبح الإنفاق على برامجها وأنشطتها له مبرراته، ولم يعد ترفاً كما كان في الماضي. كما لم يعد عمل العلاقات العامة مقتصراً على المنظمات والمؤسسات الخاصة، إنما تعدى ذلك إلى المؤسسات الحكومية والجامعات والمستشفيات والمؤسسات التجارية والصناعية والهيئات المختلفة لتحقيق التوافق والتكيف بينها وبين جماهيرها التي تتعامل مما يوفر لهذه المنظمات والمؤسسات مناخ صحي أكثر ملاءمة لتطورها ويجعلها في مصاف المنظمات والشركات في الدول المتقدمة.
وأصبحت إدارة العلاقات العامة من أهم الدوائر في المنظمات والمؤسسات المعاصرة حيث تنعكس حصيلة أدائها سلباً أو إيجاباً على سمعة وصورة المنظمة، ويتعداه بالتالي إلى مدى الثقة والمصداقية التي سيوليها لها الجمهور، فإدارة العلاقات العامة هي همزة الوصل بين المنظمة وجماهيرها الداخلية والخارجية، وبالتالي تتضح مسؤولياتها إلى أبعد من التواصل ما بينها وبين جماهيرها، وإلى التركيز على الصورة الذهنية للمنظمة لدى أولئك الجماهير ورسم الخطط الكفيلة لتكوين هذه الصورة على المستويين المحلي وحتى الدولي لإنجاح أهدافها التي تطمح إلى الوصول إليها.
ومن هنا جاء هذا الكتاب في محاولة متواضعة للإسهام في التعريف بأهمية إدارة العلاقات العامة وتنظيمها، حيث يستعرض الفصل الأول منه مدخل إلى العلاقات العامة بشكل عام من حيث التعريف والأهمية والأهداف والوظائف والخصائص والسمات، وتناول الفصل الثاني منه تنظيم إدارة العلاقات العامة وأهميتها وموقع إدارة العلاقات العامة في الهيكل التنظيمي للمنظمات والمؤسسات، والتنظيم الداخلي لهذه الإدارة.
أما الفصل الثالث فقد عرضت فيه الاستشارة الخارجية لإدارة العلاقات العامة وأهمية المستشار الخارجي لعمل هذه الإدارة ووظيفته، ويستعرض الفصل الرابع تخطيط برامج هذه الإدارة من حيث مراحل تخطيط برامجها وخطواتها الرئيسية، أما الفصل الخامس فقد تضمن التخطيط الاستراتيجي لإدارة العلاقات العامة وأهميته وخطوات إعداد الإستراتيجية لعمل إدارة العلاقات العامة، أما الفصل السادس فقد تناول تقويم برامج العلاقات العامة ومجالاته ووسائله وأدواته ومراحله، وجاء في الفصل السابع البرامج والحملات الإعلامية لإدارة العلاقات العامة وأهميتها للمنظمات والمؤسسات ومراحل إعداد البرامج وإعداد الحملات الإعلامية للعلاقات العامة، بينما احتوى الفصل الثامن العلاقات العامة وتكوين الصورة الذهنية للمنظمات والمؤسسات من حيث أبعادها ودورها ووظائفها وتكوين الصورة الذهنية للمنظمات والمؤسسات لدى الجمهور الداخلي والخارجي، أما الفصل التاسع فقد تناول العلاقات العامة وإدارة الأزمات في المنظمات والمؤسسات وجهود هذه الإدارة في مراحل الأزمات التي يمكن أن تواجهها المنظمات والمؤسسات، وأخيراً تضمن الفصل العاشر بحوث العلاقات وأهميته لعمل إدارة العلاقات العامة وأنواعه.