وصف الكتاب
زادت حدة مشكلة المديونية الخارجية للدول النامية خلال الثمانينات وحتى منتصف التسعينيات من القرن العشرين، وذلك نتيجة للسياسات التحويلية الخاطئة التي اتبعتها تلك الدول في تمويل التنمية، بالإضافة إلى استمرارها في الاستهلاك والاستثمار والاستيراد بدرجة تفوق كثيراً الإنتاج والتصوير والادخار، وقد صاحب كل ذلك بيئة خارجية غير مواتية تمثلت في تفاقم شروط الاقتراض وتدهور أسعار سلع التصوير الرئيسية لتلك الدول، الأمر الذي أدى في نهاية الأمر إلى تفاقم العجز الجاري لميزان المدفوعات وتفاقم أزمة الديون الخارجية. وبسبب تدهور وضع موازين المدفوعات الخارجية للدول النامية بصفة عامة والدول العربية (المقترضة) والأفريقية بصفة خاصة، فقد بدأت تواجه صعوبات كبيرة في المواءمة بين الوفاء بديونها الخارجية وتوفير متطلبات التنمية الاقتصادية، وبدأت تتعثر في سداد ديونها في مواعيدها المحددة.
وفي إطار هذا الوضع المتردي، وفي ضوء عدم جدوى الجهود المبذولة والطرق الأخرى المقترحة لحل قضية المديونية الخارجية ",مثل المبادرات المختلفة التي طرحت لحل الأزمة، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي كل قضية المديونية الأفريقية، ومبادلة الديون بحقوق الملكية، والتنكر للدين...", فقد لجأت معظم الدول العربية المقترضة والأفريقية إلى إعادة جدولة ديونها الخارجية، وذلك بالاتفاق مع الدول الدائنة على إطالة مدة السداد والوصول إلى شروط أخرى تسدد بها هذه الديون في المستقبل. وسيركز المؤلف في هذا الكتاب على بحث أزمة الديون الخارجية خلال فترة الثمانينيات وحتى منتصف التسعينيات، وذلك نظراً لما شهدته تلك الفترة من: تزايد حدة أزمة الديون الخارجية وتفاقم أعبائها وتشوه هيكلها. الاتجاه المتزايد إلى عمليات إعادة الجدولة، فبينما كانت تلك العمليات أمراً نادراً خلال السبعينيات للعملية لدى الدائن والمدين، وتطور ممارسات نادي باريس ونادي لندن في إطار إدارتهما لأزمة الديون الخارجية، والصعوبات التي واجهت الدول النامية بصفة عامة والدول العربية والأفريقية بصفة خاصة في مفاوضاتها لإعادة الجدولة، والعوامل التي أثرت في فاعلية إعادة الجدولة في علاج أزمة الدين.
ونظراً لأن معظم الدول العربية التي أعادت جدولة ديونها الخارجية هي في الأساس دول أفريقية (مصر، الجزائر، المغرب، السودان، موريتانيا، الصومال) عنى المؤلف باستعراض أصبحت أمراً شائعاً في الثمانينيات والتسعينيات. ويهدف المؤلف من هذا الكتاب إلى الوقوف على أسباب أزمة الديون الخارجية بالدول العربية والأفريقية، وتقديم جدوى طرق علاج الأزمة وأساليبها، والتي تمثلت في عمليات إعادة الجدولة وغيرها من الطرق الأخرى. وليحيط المؤلف بجميع جوانب موضوعة تعرض في كتابه هذا بالشرح والتحليل لموضوع تطور حجم الديون الخارجية وهيكل تلك الديون، وأسبابها، وأسباب الاتجاه إلى إعادة الجدولة، ودوافع تلك العناصر السابقة مع التركيز على الدول الأفريقية، ودراسة العوامل المؤثرة في قدرة الدول على السداد وتحديدها من خلال استعراضه للكثير من الدراسات المتخصصة في هذا المجال، بالإضافة إلى دراسته للانعكاسات المستقبلية لعملية إعادة الجدولة على عبء الدين الخارجي خلال الفترة 1991-2004، وذلك لعينة تشمل مصر وجمهورية الكونجو الديمقراطية (زائير سابقاً) وساحل العام.