لم يعد العالم يواجه مشكلة إنتاج السلع والخدمات وإنما أصبح التحدي يتمثل في كيفية الاستجابة لحاجات ورغبات المستهلكين والمستخدمين بإيصال ما ينتج إليهم في المكان والزمان والنوعية والمكونات والعبوات والسعر المناسب. وأصبح المنتجون والمسوقون يبنون قراراتهم على أسس علمية معتمدين نتائج البحث العلمي لتطوير تلك القرارات وساعين من وفورات الحجم الكبير التي تحقق لهم توفيراً في الكلف ومزيداً من الأرباح. وبناء على ذلك لم تعد الأسواق الوطنية قادرة على استيعاب ما يعرضة المنتجون والموقون فتطلعوا إلى الأسواق الدولية كفرص وتحديات ومجالات لتحقيق مزيد من الشهرة والأرباح. ومما ساعد على هذا التوجه، التطورات التكنولوجية السريعة في مختلف مجالات وأنشطة الإنتاج والتسويق وخاصة في مجال جمع وتحليل وتفسير البيانات والمعلومات وسرعة الاتصالات عبر الإنترنت. هذه التطورات العلمية السريعة، سوف تستمر في المستقبل وسوف تخلق فرصاً جديدة لكل من المنتجين والمسوقين ولطالبي العمل من المؤهلين لدخول الأسواق العالمية. كما أنها سوف تتطلب إعادة النظر في كثير من الأساليب التقليدية في مجالات الترويج والإعلان والتمويل والخزن والتوزيع والتسعير وستراتيجياتها وفي طبيعة ممارسة الأنشطة المختلفة التي بفضل التطورات العلمية والتكنولوجية تجاوزت الحدود السياسية للبلدان وما كانت تتخذه الحكومات من إجراءات حمائية لإعاقة هذه التطورات. كما لم تعد العلاقات الدولية ومسؤولياتها ثنائية أو إقليمية، بل أصبحت مسؤولية التقدم والبحث العلمي وقضايا حماية البيئة والانحباس الحراري عالمية تتدخل فيها الأمم المتحدة عن طريق منظماتها المتخصصة. لقد أصبح المحيط الدولي يتغير وبسرعة مما يؤثر على الشركات والأفراد وراسمي السياسيات، وهذا يتطلب نشاطات تسويقية دولية تمارس في أسواق دولية جديدة بالنسبة للجميع، وخاصة للمسوقين الذين عليهم أن يكيفوا أنشطتهم تبعاً لتلك المتغيرات وتجنب التعارض مع الواقع السياسي والثقافي والقانوني والاقتصادي والاجتماعي السائد في تلك الأسواق، ولكي يصبح التبادل التجاري مصدراً للنمو والربح وإشباع الحاجات والرغبات وتطوير مستويات المعيشة. بدايات هذا الكتاب كانت محاضرات ألقين على طلبة قسم التسويق في كلية الرافدين الجامعة ببغداد لتغطي مفردات أقرت من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عام 1993 أول عام أسس فيه هذا القسم وكان الوحيد في الجامعات العراقية. يتم تطوير هذه المحاضرات كلما توفرت مصادر حديثة. واستمر الأمر على حاله طيلة سنوات الحصار على العراق. وفي بداية القرن الحادي والعشرين، وبعد مشاركة مؤتمرات علمية في العراق. وفي بداية القرن الحادي والعشرين، وبعد مشاركة مؤتمرات علمية في العراق وخارجه، أمكن الإطلاع على بعض المصادر الحديثة حول التسويق الدولي. وبعد التحاقي بجامعة الإسراء الخاصة في عمان/ الأردن، توفرت لي العديد من المصادر الحديثة في مكتبة الجامعة والجامعات الأخرى مما سهل علي تحديث بعض المواضيع وإضافة فقرات جديدة لم تكن قد غطيت في السابق حتى تم وضع الكتاب بالصيغة المعروضة الآن. يقع الكتاب في أربعة عشر فصلاً تناول الفصل الأول نشأة وتطور التسويق الدولي، وعرضت نظريات التبادل التجاري في الفصل الثاني. أما الفصلين الثالث والرابع فتم فيهما تناول بيئة التسويق الدولي ومتغيراته. وبسبب التطورات المتسارعة في البيئة الدولية فقد عرضت في الفصل الخامس أهم مجموعتين منها وهي المتغيرات التكنولوجية ومتغيرات المنافسة الدولية. ولكي تبنى قرارات المنتجين والمسوقين على أسس علمية وتراعي وتفيد من التطورات العلمية وخاصة في استخدام الحاسبات والإنترنت لجمع وتحليل البيانات والمعلومات وصولاً إلى الاستنتاجات السليمة في ضوء نتائج البحث التسويقي وما استجد من نظم المعلومات في هذا المجال، وغطيت هذه الأمور في الفصل السادس. وفي الفصلين السابع والثامن تمت الإفادة من نظم المعلومات ونتائج البحوث لتحليل الأسواق وصولاً إلى اختيار السوق/الأسواق الأنسب للمسوق الدولي وفق معايير كمية ونوعية محددة. وبعد أن يتوافر للمسوق هذه الأسس عرضت الستراتيجيات التي يمكنه اعتمادها في مجال السلعة والتسعير وشروط البيع وتسديد أثمان السلع المصدرة بشكل مفصل خصصت لها الفصول التاسع والعاشر والحادي عشر. وبما أن السلعة لا يمكن أن تبيع نفسها، فلا بد من الترويج والإعلان عنها في الأسواق المستهدفة وبالأساليب المناسبة التي تم عرضها في الفصل الثاني عشر. أما الخدمات فقد أصبحت مكوناً رئيسياً في التبادل الدولي واحتل قطاعها موقعاً مهماً في اقتصاد العديد من دول العالم. فلم تعد الخدمة مكملة للسلعة فحسب بل يتاجر بها منفردة و/أو تكملها السلعة. وللأهمية المتزايدة والمستمرة للخدمات دولياً فقد خصص لها الفصل الثالث عشر لعرضها بما يتناسب وأهميتها في التسويق الدولي. وبما أننا نعيش اليوم في عالم متغير وبشكل متسارع في شتى المجالات المتعلقة بالعلاقات الدولية ومنها العلاقات التجارية، فقد خصص الفصل الرابع عشر لتغطية هذا الموضوع وبما يتناسب وأهمية وخطورة مستجداته على متخذ القرار. اختتم كل فصل بخلاصة مركزة ومجموعة من الأسئلة للمراجعة إضافة قائمة بالمراجع التي اعتمدت في تناول الموضوعات وخاصة الحديثة منها.