وصف الكتاب
إن تحقيق القانون، والعبور من الواقع إلي القانون يجرى عن طريق عملية التكييف التي تبدو أهميتها في أنها يمكن أن ترى من خلالها قلب الحياه القانونية. والحقيقة أن الحياه القانونية تتجسد في أن الفرد العادى يكيف التصرف القانوني الذي يبرمه وموضوع هذا التصرف، والقاضي يكيف المراكز التي تطرح عليه والحكم الذي يصدره، والمشرع يكيف كل شئ.
ومن الناحية العملية، فإن المطابقة بين الواقع والقانون يجرى عن طريق أعمال اللغة، فالتكييف يبدو وكأنه عملية قانونية تكمن في ترجمة موضوع معروف عن طريق مفهوم قانوني، ومن وجهة النظر هذه، فإن مجمل القانون الوضعى يبدو وكأنه معجم على الفقهاء الاستعانة به لتعيين الواقعه المطلوب تكييفها.
ومن المستحيل بمكان المساس بالتكييفات بدون تعديل كأثر لذلك في النظام القانوني التي تعد جزء منه، ويمكن أن نتصور بسهوله أن القانون يتغير بمجرد تعديله، ومع ذلك، فإذا كان كل شئ يتغير فإن القواعد القانونية التي تحكم تصرفات الأفراد تظل هى نفسها. فالتكييف كالقانون يبدو وكأنه مخزون إيدلوجي ضخم، يحدد المكانة الطبيعية لكل من الأفراد والأشياء بحيث يمكن رؤيتها من خلال منظور واحد ومن خلال تصور متكامل.
والقانون الإجرائي لا يهتم في الواقع إلا بتطيقه على الوقائع المكيفه مقدماً، بيد أن سلطه تكييف الوقائع ليست أكثر من كونها سلطه تطبيق القانون، فالأمر يتعلق هنا بوظيفة أكثر من كونها حقاً.
ولكن سلطه تكييف الوقائع، كعنصر جوهري في الوظيفة القضائيه، يجب الا تختلط مع سلطه تكييف موضوع الدعوى الذى يقع على كل كاهل كل من بين القاضي والخصوم، ومن ثم ينبغي أن تحدد اولاً مدى سلطه تغيير التكييفات التي تحدد العلاقات بين قاضي المشروعية ومصدر القرار الإداري أو القضائي.
واستناداً إلى هذا سيكون خطة هذا الكتاب كالتالي: ",الباب الأول سلطه تغيير التكييفات، الباب الثاني سلطه رقابة التكييفات",.